وصلت أعداد من يتعاطون المخدرات في عدد من دول العالم العربي خلال الفترة الأخيرة إلى نسب مفزعة، حيث سجل نسبة التعاطي في بلد مثل مصر 10%، متجاوزة العرف العالمي بنسبة 100%، فيما سجلت نسبة الإدمان فيها نحو 2.5%.
ويقدر حجم تجارة المخدرات في الوطن العربي بعشرات المليارات من الدولارات، والشيء الملفت للنظر هو قدرة ذلك السوق الكبير على ابتلاع كل ما هو جديد من أنواع المخدرات، بجانب شراهته المستمرة لأنواع المخدرات التقليدية والمنتشرة فيه منذ سنوات بعيدة، ومن أبرزها الحشيش والأفيون، وفي بعض المناطق البانجو.
ولا يعني ذلك أن الحد من هذه الظاهرة من خلال علاج مدمني المخدرات أمرًا ميؤوسًا منه، ولكنه ممكنًا والشفاء يكون حقيقيًا، والدليل الآلاف ممن تعافوا من الإدمان، وأصبحوا اليوم مواطنين صالحين يتوزعون على المهن المختلفة، ويؤدون دورهم بالمجتمع شأنهم في ذلك شأن الآخرين.
وتعتبر قضية الإدمان من القضايا التي أصبحت شديدة الأهمية بالنسبة للأسرة العربية، وخاصة في المملكة العربية السعودية خصوصًا بعدما أصبحت المخدرات في متناول الجميع، سواء من ناحية رخص ثمنها أو توفرها بغزارة في كل الأماكن، كما تدنى سن التعاطي من 14 إلى 11 سنة.
كما يمكن أن يقال بأن الإدمان سيطر على نمط وأسلوب حياة الكثير من المهن الحرفية والمنتسبين لبعض الوظائف بالعالم العربي، حيث بات أمر عدم تعاطي بعض السائقين مثلًا أو الحرفيين شديد الندرة.
والشفاء من الإدمان وخاصة علاج الادمان في السعودية يعد بمثابة التمسك بخيط رفيع من الأمل، حيث يحتاج إلى العمل والاجتهاد والإخلاص والتحمل والمثابرة من أجل تجاوز المحنة والانتصار على ذلك الوحش سيء الطباع.
ومن التحديات الكبيرة التي تقف في طريق الإدمان بالدول العربية، هي إعادة دمج مدمن المخدرات مرة أخرى في المجتمع، حيث يخشى الناس المدمنين على الدوام، حتى ولو كانوا متعافين، وبالتالي فالمسئولية الكبرى تقع على عاتق الحكومات والمنظمات الأهلية لتوفير فرص العمل المناسبة لهم، حيث يعتبر القضاء على أوقات فراغهم وتوظيفهم بمهن تجذبهم إلى الإنتاج والإبداع وتطوير ذاتهم مانع قوي ضد انتكاس حالاتهم والعودة مرة أخرى لتعاطي المخدرات.
والبطولة الوحيدة في قصص الإدمان وتعاطي المخدرات هي قدرة الشخص المريض على الخروج من تلك الدائرة المعقدة والمضطربة العلاقات والأحداث، حيث يحتاج العلاج من ادمان المخدرات إلى تحليه بقدرات استثنائية في توقيت يكاد يكون شديد الصعوبة بالنسبة له من أجل التفوق على الأعراض النفسية والجسدية للمخدرات.
ومن خلال بحث الدراسات المتعلقة بالإدمان والمخدرات وجدت أسباب متعددة تقف وراء زيادة نسبة الإقبال على التعاطي في الدول العربية من جهة، بالإضافة إلى تدني سن الإدمان واستخدام المخدرات.
وتقول بعض هذه الدراسات إلى أن زيادة التدخين تعني بالضرورة زيادة أعداد متعاطي المخدرات، حيث اعتبرت الدراسات أن التدخين هو بمثابة القناة السريعة لعبور المدخن إلى جزر الإدمان النائية والمعزولة.
كما يؤدي الانفلات الإعلامي الناتج عن الثورة التكنولوجية والطفرة الغير مسبوقة التي حدثت بتكنولوجيا وسائل الاتصال والإعلام، إلى دخول الكثير من الرسائل المحفزة والجاذبة لتعاطي المخدرات إلى البيوت.
وبالتأكيد فقد تسببت هذه الرسائل سواء كانت أفلام سينمائية أو مسلسلات درامية لإدمان أعداد كبيرة من الشباب، فنتيجة للعب بالمفاهيم وتحريف المصطلحات ينجذب الشباب والمراهقين إلى تجربة المخدرات، ونظرًا لقلة خبرتهم وضآلة ثقافتهم يسقطون سريعًا في الإدمان عليها.
ويلعب الرفاق والأصدقاء أيضًا دورًا مؤثرًا ويكاد يكون حيويًا في وصول آخرين إلى محطة الإدمان على المخدرات، حيث تشير الدراسات النفسية إلى أن المدمن يكون غريبًا عن العالم مهما كانت مدة إدمانه، ولذلك يحتاج إلى أصدقاء من خارج هذا العالم ممن يثق فيهم ليشاركوه حياته الجديدة.
اقرأ أيضاً:
تم التحديث في 5 يوليو,2024 بواسطة موسوعة الإدمان