لقد شاع التعامل مع الادمان على أنه سلوك، أو حالة تنتاب الفرد، ولكنه في الواقع غير ذلك،
ولكن الادمان مرض له جذور متأصلة داخله، وله عدة أسباب مادية و اجتماعية،
وهنا يظهر دور الطبيب النفسي في معرفة تلك الأسباب التي قادت صاحبها إلى هذه المرحلة ليتسنى له علاج المشكلة من جذورها.
وإذا أمسكنا بأحد تلك الجذور كالخوف مثلا لوجدنا أن الخوف أمر طبيعي لدى جميع البشر،
بل هو شعور فطري نولد به جميعا ليدفع عنا الأذى ولكن حينما يزيد الخوف عن الحد المألوف يصبح حالة مرضية،
فقد يخاف الشخص من أشياء غير منطقية كالخوف من الماء مثلا وقد يرتعد من سماع صوت ما أو الخوف من الأماكن المغلقة،
فتتحول إلى حالة رهاب و فوبيا، كما قد يدفع الخوف صاحبه إلى الهلاوس والوساوس القهرية فيسمع أصواتاً لا وجود لها،
وهنا قد يلجأ إلى إدمان المهدئات خاصة و إن لم تخضع للرقابة من قبل الطبيب لينظم له النوع والجرعة التي يتعاطاها،
وكذلك الوحدة لما لها من تأثير مدمر.
و بالعودة إلى تاريخ الكثير من المدمنين نجد أنهم تعرضوا للإيذاء الجسدي الشديد أو الجنسي،
الذي دفعهم إلى محاولة يائسة للنسيان بالإدمان بأنواعه،
فمثلا التعرض للضرب من الوالدين و العنف أو مشاهدة أحد الوالدين يؤذي الآخر باستمرار أو تعرض فتاة للاغتصاب،
مما يسفر أيضا عن الإيذاء الروحي و المعنوي بعدم تقبل الشخص ما تعرض له وكذلك تعرضه للإنتقاد من زملائه سواء في العمل أو الدراسة،
مما يؤدي إلى حالة شديدة من الخزي و الخجل و كذلك أن يخجل الشخص من مظهره أو ظروفه الاجتماعية التي تجعله يحاول الهروب منها إلى إدمان أي شيء يشعره بعكس ذلك.
وقد يؤدي الإيذاء العاطفي إلى الحزن الشديد الذي يدفع صاحبه للإكتئاب نتيجة عدم قدرته على الخروج من دائرة الحزن،
مما يجعله يلجأ إلى الإدمان، و قد تكون العوامل الوراثية أحد أسبابه، فقد يرى الشخص أحد والديه يدخن فيلجأ إلى التدخين،
وكذلك الكحوليات و إدمان العقاقير، و قد يكون الأب متعصب دينيا فيربيه على التعصب و كذلك كافة صور الإدمان،
و لا نغفل الغضب الذي هو سبب قوي أيضا لذلك.
أسباب الادمان كثيرة
إن أسباب الإدمان كثيرة و متشعبة و قد تكون متشابكة، فمن الممكن ان نجد مدمنا يعاني من سبب واحد دفعه إلى ذلك،
وقد يجتمع اكثر من سبب لديه و يبقى أخيرا المفتاح في يد الطبيب المختص،
الذي يجب أن يتمتع بمهارة الكشف عن السبب الرئيسي للإدمان،
ليتمكن من اقتلاعه من جذوره فتضعف إمكانية العودة له في المستقبل،
خاصة أنه مرض مزمن حيث تنتاب الفرد لحظات كثيرة من الإشتياق الذي من الممكن أن تتحول إلى انتكاسة تجعل كل مجهوداته التي بذلها تذهب في مهب الريح إن لم يستطع التوصل إلى السبب الحقيقي للإدمان والسيطرة عليه وعلاجه،
وما دام الادمان مرض فهو يحتاج إلى علاج، ومن ثم فإن علاج مرض الادمان يحتاج إلى أطباء متخصصين في الناحية العلاجية والناحية النفسية،
حيث أن الكثير من الحالات التي عانت من مرض الادمان تستلزم المتابعة لضمان عدم عودة المرض إليه.
تم التحديث في 7 يناير,2023 بواسطة موسوعة الإدمان