في كثير من الأحيان نرغب في تحقيق شئٍ ما بإرادتنا وبإختيارنا ونسعى للحصول علي هذا الشئ بجد وإجتهاد، وربما نكرّس له وقتاً كبيراً ونبذل مجهوداً كبيراً في سبيل تحقيق هذا الشئ، ولكننا في النهاية لا نوفق في تحقيقه.
يرجع ذلك إلي أسباب عديدة، وكلها ترجع إلى الطبيعة المزدوجة للإنسان بشطريه الواعي الشعوري الإدراكي واللاواعي اللاشعوري اللاإدراكي. بمعني أن للإنسان نوعين من الأهداف الأول خاص بالجانب الشعوري الواعي للإنسان وهي الأهداف التي يحددها بكامل وعيه ورغبته وإختياره. وهذا النوع من الأهداف يحدد من خلال نشاط العقل الواعي والذي لا يمثل أكثر من عشرة بالمائة فقط من حياة الإنسان.
أما النوع الآخر من الأهداف هو الخاص بالجانب اللاشعوري اللاواعي اللاإدراكي، وهي الأهداف الدفينه في اللاوعي داخل العقل الباطن، ولا يعرفها الإنسان ولا يعيها ولا يدركها لأنها خارج دائرة إدراكه. وهذا النوع من الأهداف أقوى من حيث القوة والقدرة، لأن نشاط العقل الباطن يمثل حوالي تسعين بالمائة من مجمل حياة الإنسان.
ويرجع السبب الرئيسي لعدم وصول الإنسان إلي هدفه برغم محاولاته المتكررة وجهودة المضنية إلي تعارض أهدافه الواعية مع أهدافه اللاواعية، بمعني أنه قد يرغب في شئ ما بوعيه ويسعى للحصول علي هذا الشئ، وفي نفس الوقت هناك عدم تقبل لهذا الشئ من قِبل عقله الباطن، الأمر الذي يجعل العقل الباطن يكرس كل جهوده من أجل النفور من هذا الشئ وعدم تحقيقه.
ويمكننا أن نشبه العقل الباطن بالفيل والعقل الواعي بالإنسان الذي يمتطي هذا الفيل، فإذا أراد الإنسان أن يذهب في إتجاه وأراد الفيل أن يذهب في إتجاه آخر معاكس له فمن سينتصر؟ لا شك أن رغبة الفيل ستنتصر في النهاية وسيذهب في الإتجاه الذي يريد.
إذاً كيف يمكننا تحقيق الإنسجام بين أهدافنا اللاواعية وأهدافنا الواعية من أجل الحصول علي ما نريد ؟
ليست الإجابة سهله بحيث يمكن شرحها بشكل نظري في مقال، لأنها عملية طويلة ومستمرة من الإرشاد والتدريب العملي الموجه نحو إستخراج أفضل ما في الإنسان من طاقات وقدرات كانت ولاتزال طاقات مهدرة. وفي جميع الدورات التدريبية التي نقدمها أضع نصب عيني هذا الهدف وهو كيف أساعد الآخرين علي الإرتقاء بوعيهم وإستخراج أفضل مافيهم من طاقات. وفي الوقت الذي أساعدهم فيه أساعد نفسي وأجد أنهم يساعدونني أيضاً. ومن هذا المنطلق أنصحك بمشاركة المعلومات التي تتعلمها مع الآخرين لأنك تأخذ بقدر ما تمنح.
وإليك الآن أحد المبادئ الهامة التي تساعدك في تغيير حياتك إلي الأفضل بشكل دائم وهو أول ما يجب عليك أن تفعله حين تريد بصدق استحداث تغيير في حياتك، هو أن ترفع من مستوى مقاييسك. بمعنى أن تتطلع إلي أعلى وأن تجعل عقلك الواعي واللاواعي يتطلعان معاً إلي أعلى.
ويكون ذلك بتغيير ما تتطلبه من نفسك بهدف تحفيز الجزأ اللاواعي منك بالمكافأة طويلة الأجل، لأنه إذا كان عقلك اللاواعي يعرف أن المكافأة التي ستحصل عليها نتيجة المثابرة علي التغيير وتحمّل آلامه قصيرة الأجل فإنه سيجعلك تفتر وتُصاب بالإنتكاسة.
ومثال علي ذلك شخص يحتاج لإتباع نظام غذائي بهدف تخفيض وزنه، ولكنه يجد نفسه يؤجل ذلك باستمرار ولا يعرف لماذا يفعل ذلك، وربما يظل يؤجل فيه إلى الأبد. والسبب الرئيسي لذلك هو أنه يعرف في لاوعيه بأنه مهما كانت المعاناة التي سيعانيها لإحداث التغيير فإن المكافأة التي سيحصل عليها لن تكون إلا قصيرة الأجل. ولكي نحفّز الجزأ اللاواعي بالمكافأة طويلة الأجل علينا أن نقوم بتطبيق هذا التمرين بشكل جيد.
أكتب قائمة بالأشياء التي لن تقبلها في حياتك بعد الآن، وقائمة بالأشياء التي لن تحتملها، وقائمة بالأشياء التي تتوق لأن تصبح عليها. وإليك الجدول التالي لمساعدتك. هكذا يمكنك أن ترفع من مستوى مقاييسك وتطلعاتك. أفعل ذلك من حين إلي آخر.
الأشياء التي لن أقبلها في حياتي بعد الآن | الأشياء التي لن أحتملها | الأشياء التي أتوق لأن أصبح عليها |
|
تم التحديث في 29 ديسمبر,2018 بواسطة موسوعة الإدمان