كثيراً ما نسمع عن أخطار المخدرات ، ونهاياتها المأساوية ، ولكن لم أكن اتوقع انني سأقع يوماً في هذا الفخ ، الذي طالما كنت أقرأ عنه واحذر أصدقائي منه.
بدأت قصتي عندما كنت طالب في الصف الاول الثانوي ، اعيش حياة طبيعية ولا أعاني من اي مشكلة – ويرجع الفضل في ذلك الى الله – سبحانه وتعالى – ثم الى والدي الذين استطاعوا تكوين اسرة متماسكة خالية من اي مشكلات ، خلاصة القول – انني اعيش حياة مستقرة تماماً وسط عائلة جميلة انعم الله علي بها.
فأنا الأبن الأكبر بهذه العائلة ، ولذلك انا القدوة التي يقتدي بها أخواتي الصغار في الجد والمثابرة والحفاظ على الصلوات ، ولكن للاسف ، لم يدم ذلك طويلا.
بداية حكايتي مع المخدرات
بدأت قصتي مع المخدرات عندما وصلت الى الصف الاول الثانوي ، حيث بدأ مستواي الدراسي في التذبذب ، ولم استطيع ان اظل القدوة الحسنة لكل من حولي ، ويرجع السبب في ذلك الى ان اصدقاء السوء طرقوا أبواب حياتي، واثناء إحدى المسابقات التي اجريت بيني وبين احد الزملاء للحصول على المركز الاول في الاختبارات ، أتاني احد اصدقاء بحبة تسمى ( الكبتاجون )، تلك الحبة المدمرة التي دفعني فضولى الى تناولها لاستعادة مستواي المتقدم في الدراسة مرة اخرى ورفع معدل درجاتي.
في البداية اقتصرت علاقتي بهذه الحبة، خلال فترة الامتحانات ، ولكن سرعان ما اصبحت هذه الحبة عادة أسبوعية، ومن ثم شبه يوميه، ثم اصبحت لا أدرك الحياة قبل تناول هذه الحبة.
وتوالت المرات ، حتى تدهورت صحتي ونحل جسدي ، وبعد أن كنت استمتع بتناول الطعام ، اصبحت لا اشتهي تناوله أياً ما كان نوع هذا الطعام.
وعندما طلبت نصيحة أحد الاصدقاء ، نصحني بتناول الحشيش ، وبهذا اكتملت منظومة الادمان لدي ، فقد اصبحت وبكل تأكيد احمل لقب ( مدمن ) ، وبالطبع صاحب ذلك تراجع ملحوظ في السلوك والمستوى الدراسي، فالحشيش لم يزد حياتي وحالتي الصحية الا سوءاً ، الامر الذي اثار شكوك عائلتي والمعلمين في المدرسة ، ولكن لم يتوقعوا ان هذا الطالب البرئ المتفوق اصبح أسير للمخدرات والحشيش.
وقد قرر والدي دخولي الى إحدى مصحات علاج الادمان وبالفعل خضعت الى فترة علاج ليست بالطويلة.
واستطعت ان استكمل دراستي اثناء العلاج وانتهيت من المرحلة الثانوية ووصلت الى مرحلة الجامعة.
وبعد سنه من التعافي التام وعدم التعاطي كانت المفاجأة …
ليلة السقوط في الهاوية
ليلة الانتكاسة اتصل بي احد الاصدقاء ، وسألني عن المخدرات، واخبرته انني تعافيت ولكني أعاني من حالة نفسية سيئة ولدي اختبار في الغد.
لم أكن مستعد لذلك وسرعان ما طلب مقابلتي ليعطني شيئاً يزيل همي، فاستجبت له على الفور، وكان هذا الشيئ عبارة عن بودرة (الهيروين) ، كعادتي قمت باستنشاقه دون تردد بدافع الفضول.
حالة غربية ونشوة غير مبررة شعرت بها بعد استنشاق هذه البودرة ، الامر الذي جعلني ابحث عنه كل ليلة ، ونظرا لارتفاع اسعاره ، بدأ في اختلاق الحجج لكي يحصل على المال.
أثار ذلك شكوك والدي مرة ثانية حول العودة الى تعاطي المخدرات ، وسرعان ما ذهبنا الي احدى مصحات علاج الادمان من المخدرات للتأكد من ذلك ، ولكن الصدمة هذه المرة كانت اكثر صعوبة على والدي ، حين اخبره الطبيب انني اتعاطى الهيروين.
وبالرغم من ذلك وعدني بالوقوف بجانبي ، مهما كلفه ذلك من شقاء مادي ومعنوي ، وسرعان ما قطعت الوعود على نفسي بالتعافي ، اكراماً لوالدي واسرتي التي طالما عانت بسببي.
وحقيقة الامر ، لم اكن استطيع تنفيذ هذه الوعود ، فكثيراً كنت اذهب للتعاطي ، ثم بعد ذلك استاجرت شقة ، والتي سرعان ما اصبحت وكراً للتعاطي.
وفي يوم قررت وعقدت النية أن اتعافي ، وطلبت من احد الاصدقاء مساعدتي في ذلك، ولكنه رفض، تركته في مكانه بين ابر المخدرات وذهبت الي المصحة ، ادعو الله يوفقني في ذلك.
وذات يوم ، وجدت ابي يتصل هاتفياً ، وعندما اجبت على الهاتف وجدته يبكي ويحمد الله كثيراً على انني مازالت على قيد الحياة، وعندما سألته عن السبب ، قال لي ان أحد الاشخاص اخبره بوفاتي في الشقة التي كنت مستأجرها.
صمت للحظة ، لم يحتاج الأمر قدر من الذكاء حتي أعلم أن من توفي هو صديقي الذي طلبت منه التعافي …
يا لها من نهاية مؤلمة … كيف يمكنه ان يقابل رب العالمين وفي يديه ما يغضبه ؟؟
تم التحديث في 10 ديسمبر,2019 بواسطة موسوعة الإدمان