عُرف الحوت بأنه كائن ضخم يعيش في المحيطات وأعالي البحار، إلا أنه تحول مؤخرًا لرمز خطير بين الأطفال والمراهقين في بحار منصات التواصل الاجتماعي الواسعة عن طريق لعبة تحدي الحوت الأزرق. وقد أثارت هذه اللعبة الكثير من الجدل حول العالم خلال الفترة الأخيرة لتسببها في تغيير سلوكيات من يلعبونها. ويمكن الاستدلال على حالة الجدل تلك بوجودها على رأس قوائم محرك البحث جوجل في عدد من الدول ومن بينها دول عربية كالمملكة العربية السعودية.
ولعبة الحوت الأزرق قائمة على التحدى وتستمر مستوياتها لنحو 50 يومًا، وتعتمد بشكل أساسي على إيذاء النفس، فهي تبدأ برسم حوت بأداة حادة على الذراع وتصويره وإرساله إلى القائمون على اللعبة لأجل أن يتأكدوا من جدية الشخص في قبول سلسلة التحديات، ومن ثم تنهال تلك التحديات عليه بعد ذلك.
ويأتي ضمن تلك التحديات مشاهدة أفلام رعب في أوقات متأخرة من الليل، والذهاب إلى أماكن عالية وسماع موسيقى عالية يدخل معها الشخص الذي يسمعها في حالة نفسية كئيبة.
وطيلة فترة اللعبة يطلب من المشارك أن يلزم الصمت، وإذا قرر الانسحاب من اللعبة يُهدده الفريق المنظم بفضح أسراره، كما أن كل عناصر اللعبة تشجع بالنهاية على الاستمرار فيها. وفي اليوم الخمسون، يصل المشارك للتحدي الرئيسي باللعبة وهو الانتحار.
المحتوى
- ليس لها تطبيق وليست لعبة بالشكل المعتاد
- لماذا سُمي التحدي بـ الحوت الأزرق ؟
- روسيا منبع التحدي
- الجانب السلبي والاستخدام الخاطئ للتكنولوجيا
- ناشطون يطلقون حملات للمطالبة بمحاولة حجب التحدي
- أنستجرام يحذر منها مستخدميه
- لعبة مرضية يروج لها مرضى نفسيون
- حالات الانتحار تنتشر بشكل مرعب
- الانطوائيين والانعزاليين صيد ثمين
- الفضول والملل والشغف دوافع للبحث عن الألعاب المثيرة
- ما الحل؟
- غياب الوعي بمشكلات الإنترنت عند الكبار جزء من الأزمة
- الدور الأكبر يقع على عاتق المدارس
- مبادرة جديدة لإبعاد الأطفال عن تحدي الحوت الأزرق
ليس لها تطبيق وليست لعبة بالشكل المعتاد
الحوت الأزرق ليس لها تطبيق يمكن تحميله على أجهزة الكمبيوتر أو أجهزة الهاتف الذكية، فهي ظهرت لأول مرة عام 2013 بموقع (في كونتكت) الروسي الشبيه بموقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك)، والذي يستخدمه ملايين الروس وبعض المستخدمين الآخرين من الدول المجاروة لروسيا.
وهي تحدي وليست لعبة كرتونية أو رقمية بالشكل المعتاد، وظهرت على جروب يسمى (جروب الموت) على موقع (في كونتكت)، وكان يرمز للجروب بالرمز (أف ــ 57)، ثم تعددت بعد ذلك الجروبات التي انتشرت فيها اللعبة.
لماذا سُمي التحدي بـ الحوت الأزرق ؟
من المعروف أن كائن الحوت الأزرق ينتهي به المطاف منتحرًا على رمال الشاطئ، أو في المياه الضحلة، وبالتالي فالتحدي هدفه النهائي هو انتحار الأشخاص الذين يشتركون في هذه اللعبة.
وأثناء اللعبة لا يسمح للمشتركين بالخروج منها، والأهم من ذلك أن مديري اللعبة والقائمين عليها ينتقون الأشخاص الذين يدخلونهم لجروب اللعبة بعناية كبيرة جدًا. ويساعدهم ذلك في السيطرة عليهم فيما بعد عندما يطلب منهم تنفيذ المهام الخمسين التي تنتهي بالانتحار.
ومن بين هذه المهام بعض الأمور المزعجة حتى للبالغين أيضًا وليس للأطفال فقط، ممن يعانون بعض الاضطرابات والمشكلات النفسية التي بالعمل على تأجيجها فإنها ستدفعهم للانتحار.
ولا يتوقف دور مديري جروبات الحوت الأزرق عند قبول أو رفض الأعضاء الراغبين بالانضمام إليهم، بل يقومون بأنفسهم بالبحث عنهم من خلال تتبع البوستات والهاشتاجات، وتفاعل الأطفال والمراهقين معها، ويبدءون منها تحليل شخصياتهم والتعرف على ميولهم، ومن ثم يجري استدراج المناسبين منهم شيئًا فشيئًا إلى أن يتمكنوا منهم.
وبالتأكيد يكون الأطفال الأكثر استهدافًا هم من يكتبون على حساباتهم عبارات تدل على كرههم لأسرهم وللدراسة وللعادات والتقاليد المجتمعية.
روسيا منبع التحدي
هذا التحدي أنطلق من روسيا، حيث زعم شاب يدرس علم النفس ويدعي فيليب بوتي كان، أنه مبتكر هذه اللعبة. وقد ألقت الشرطة الروسية القبض عليه في مايو من العام قبل الماضي 2016، واعترف بتشجيعه الكثيرين على المشاركة باللعبة، معتبرًا ما يقوم به محاولةً لتنظيف المجتمع من النفايات البيولوجية (بحسب تعبيره)، مشيرًا إلى أن تلك النفايات ستؤذي المجتمع لاحقًا.
وجاء أيضًا في اعترافات “كان” أنه يهدف بتحديه هذا لابتكار أسلوب جديد للسيطرة على الآخرين، خاصة المرضى منهم.
ودفعت جنسية مصمم التحدي بعض المحللين النفسيين والمتابعين للعودة إلى الماضي بعض الشيء والتذكير بلعبة الروليت الروسية، وهي لعبة كان يتنافس فيها اثنين من الرجال يحشو كلًا منها مسدسه بست رصاصات يطلق منهم خمسة بالهواء، وبعد أن تتبقى واحدة، يشرعان في تحريك ساقيتي مسدسهما عدة مرات، ثم يبدأن بالضرب والأتعس حظًا هو من تنطلق رصاصة منافسه أولًا وتؤدي لوفاته فورًا.
وطالب المحللين بضرورة فحص الأسباب التي تجعل من روسيا منبعًا لمثل هذه الألعاب المميتة، فقد تكون هناك عوامل بيئية معينة تدفع بالناس للوصول لحالة الملل الشديد والتي تجعلهم لا يبالون بالتخلص من حياتهم وقتما أتيح لهم ذلك.
الجانب السلبي والاستخدام الخاطئ للتكنولوجيا
تمثل الحوت الأزرق الجانب السلبي أو الاستخدام الخاطئ للتكنولوجيا، وهي عنوان عريض لموجة شريرة جديدة من الموجات الإلكترونية والتي أصبحت تظهر كل فترة، شأنها شأن المخدرات الإلكترونية أو الرقمية.
والآلية تكون بالتالي واحدة، فالقائمين على اللعبة يستهدفون نوعيات معينة من البشر يصلحون لتأدية مهام محددة، وفي هذه الحالة كان الأطفال العرضه للإصابة بالأمراض النفسية هم المستهدفون.
ناشطون يطلقون حملات للمطالبة بمحاولة حجب التحدي
رصدت تقارير صحفية غربية أن أكثر من عشرات الحالات قامت فعليًا بالانتحار ونفذت هذا التحدي الأكبر. ودعى ذلك بالناشطون على منصات التواصل الاجتماعي لإطلاق الحملات والدعوات المطالبة بحجب التحدي، كما طالب الناشطون الأهالي بمراقبة أبنائهم وتوخي الحذر من اللعبة، بالإضافة لدعوة السلطات والجهات الرسمية لتحمل مسئولياتها في وقف ظاهرة انتحار الأطفال والمراهقين.
أنستجرام يحذر منها مستخدميه
بادر تطبيق أنستجرام إلى مكافحة ظاهرة هذه الألعاب المؤدية للانتحار، فعند البحث عن اسم الحوت الأزرق على التطبيق فإنه يرسل إشعارًا بخطورة الأسئلة والصور التي سيجري عرضها، كما يقترح أنستجرام المساعدة في شرح مظاهر هذه الخطورة.
لعبة مرضية يروج لها مرضى نفسيون
تحدي الحوت الأزرق هي بمثابة لعبة مرضية يروج لها مرضى نفسيون، وفي حقيقة الأمر يمكن اعتبارها جريمة حقيقية تمارس بحق الأطفال والمراهقين، وللأسف الشديد قد أدت لموت الكثيرين منهم حتى بعد القبض على الشاب الروسي مبتكرها الأول، وسجنه لمدة ثلاثة أعوام.
ومشكلة الحوت الأزرق سببها الرئيسي أن الإنترنت مجال مفتوح يصعب السيطرة على الأفكار المنتشرة عليه، خاصة إذا كانت هذه الأفكار من نوعية هذا التحدي، والذي يختلف عن الألعاب الأخرى في عدم وجود تطبيق لها يمكن حصاره ومنع تداوله وإنتاج تحديثات له.
كما أن القائمون على هذه اللعبة يستخدمون خاصية الجروبات السرية والتي تتيح بعض منصات التواصل الاجتماعي إنشائها، مثل فيس بوك، وذلك يحول دون كشفهم أو البحث عنهم من ناحية، ويجعل منهم المتحكمين في إضافة الأعضاء والمشاركين من ناحية ثانية.
حالات الانتحار تنتشر بشكل مرعب
تنشر حالات الانتحار الناتجة عن الاشتراك في تحدي الحوت الأزرق بشكل كبير ومرعب، ففي روسيا وحدها سجل 130 حالة انتحار سببها هذا التحدي بنهاية مارس الماضي، كما لم تسلم منها بلاد أخرى مثل الارجنتين وبلغاريا والصين، والولايات المتحدة وبريطانيا وإيطاليا، والهند، بالإضافة لبعض الدول العربية كالجزائر والمغرب والكويت ومؤخراً مصر.
الانطوائيين والانعزاليين صيد ثمين
الأطفال والمراهقين الانطوائيين والانعزاليين بطبعهم وبسبب معاناتهم من اضطرابات نفسية والذين يقضون وقتًا طويلًا على منصات التواصل الاجتماعي بعيدًا عن الأهل هم صيد ثمين لمروجي تحدي الحوت الأزرق. فهؤلاء يطلب منهم مديري التحدي القيام بتصرفات لا تتناسب مع مستوى وعيهم الفكري حتى يسيطروا عليهم بشكل كامل، ويتمكنوا من الضغط عليهم ليجعلوهم بالنهاية يقرروا الانتحار، وذلك الشيء قد لا يتضح في البداية ولكنهم يعلمون جيدًا الطريقة والكيفية التي يمكنهم بها إحكام قبضتهم على المشاركين.
الفضول والملل والشغف دوافع للبحث عن الألعاب المثيرة
افتقاد الشغف والبحث عنه والملل والفضول كلها أسباب محتملة وقائمة لإقبال الأطفال والمراهقين على الألعاب الإلكترونية، ولكن تورط عدد منهم في لعبة تطالبهم بإيذاء أنفسهم أمر يتطلب التحليل والتدقيق فيما يمتلكه هؤلاء الأطفال والمراهقين من دافعية نفسية تحولهم بالنهاية لحيتان زرقاء.
ما الحل؟
التعامل مع هذه النوعية من التحديات والألعاب والأفكار المجنونة المنتشرة على شبكة الانترنت لا يحتاج إلى الحجب والمنع، وذلك لأنه وببساطة شديدة لا يمكن لأحد أن يمنعها. ومما يعقد أزمة الحوت الأزرق أن مديري جروبات التحدي غير معروفين، وبالتالي لو ألقي القبض على أحدهم فسيتمكن العشرات غيره من الاستمرار فيما هم عليه.
ويمكن القول بأن الحل المناسب قد يكون في منع المشكلة قبل حدوثها، أو بطريقة أخرى معالجة المشكلات التي يمكنها أن تدفع بالأطفال والمراهقين للانخراط في لعبة أو تحدي من هذا النوع.
ومعظم علماء وأطباء النفس يرون أن الأطفال الذين يعانون من الانطوائية والعزلة أو من المشكلات النفسية وفي مقدمتها الاكتئاب هم الأكثر عرضه للرضوخ لتأثيرات الآخرين عبر الإنترنت، خاصة إذا كان هؤلاء يقضون وقتًا كبيرًا على الشبكة العنكبوتية.
والدور الأكبر هنا يلقى على كاهل الأهل، حيث يطلب من كل أب وكل أم أن يتابعوا ويلاحظوا ما يقوم به أبنائهم على الإنترنت، وبالأخص من تظهر عليه منهم أعراض الانسجام العميق أو ادمان الألعاب الإلكترونية.
كما يجب على الأهل مراقبة ما يكتبه أبنائهم على مواقع التواصل الاجتماعي (السوشيال ميديا)، لأن ذلك يحمل الخطر الذي ما بعده خطر عليهم، خاصةً ممن يضعون تفاصيل حياتهم كلها على فيس بوك وأنستجرام وسناب شات، فهناك من يتربص بهم وينتظرون الفرصة تسنح لهم للانقضاض عليهم.
فباستخدام الذكاء الصناعي في تحليل وجمع المعلومات سواء بشكل يدوي أو بواسطة برامج إلكترونية متخصصة، يمكن تحليل شخصيات مستخدمي وسائل التواصل ومنصاتها، ومعرفة الحالة النفسية والمزاجية لهم.
غياب الوعي بمشكلات الإنترنت عند الكبار جزء من الأزمة
هناك حالة من عدم الوعي عند الكبار بالمشكلات التي يمكن أن يسببها الإنترنت للصغار، كما توجد فجوة زمنية بينهم وبين التكنولوجيا، تصعب من عملية استيعابهم لها. ويدفع هذا السبب باتجاه عدم قدرة الكبار على توعية الصغار بالأزمات التي يصبح الإنترنت طرفًا فيها، بالإضافة إلى أن الكبار أنفسهم بحاجه لمن يعلمهم كيفية استخدام الإنترنت بأمان.
الدور الأكبر يقع على عاتق المدارس
يقع العاتق الأكبر على توعية الأطفال بمشكلات الإنترنت على المدارس، وتوجد هنا مشكلة أخرى وهي عدم تأهيل المُعلمين أنفسهم ليتعاملوا مع مستجدات التكنولوجيا الحديثة ومخاطرها، كما لا توجد مناهج للتوعية ضمن المقررات الدراسة، وإن كانت توجد مادة لتدريس مبادئ وأساسيات الكمبيوتر على استحياء.
مبادرة جديدة لإبعاد الأطفال عن تحدي الحوت الأزرق
دشنت الحكومة البرازيلية مبادرة جديدة أطلق عليها (بينك وويل)، بالإنجليزية (Pink Whale)، وترجمتها للعربية (الحوت الوردي)، وتهدف لإبعاد الأطفال عن تحدي الحوت الأزرق. وتتمثل هذه المبادرة في لعبة يمكن تحميل تطبيقها على الكمبيوتر أو الهاتف المحمول، ولكنها لم تنتشر حتى الآن سوى في البرازيل فقط، والتي أثبتت حكومتها الدور المؤثر والمحوري في التصدي لمشكلات الإنترنت باعتبارها مسئولة مع الأهل وباقي فصائل المجتمع.
تم التحديث في 30 يناير,2022 بواسطة موسوعة الإدمان