ربما يستغرب البعض حين يسمع قصتي مع المخدرات ، لقد أقبلت على شرب الخمر وأنا في التاسعة من عمري.
نعم .. آنذاك كنت لم أتخطى المرحلة الابتدائية،
حيث بدأت قصتي مع المخدرات عندما كنت أرى أبي كثير الشجار مع والدتي، فلم يعد يمر يوما بدون شجار.
وكان السبب الاساسي والرئيسي في ذلك هو ” ادمان الخمور ” ، فدائماً ما كانا يتشاجران لهذا السبب وكان رد أبي مقتصراً على الإهانة البالغة لامي وضربها ضربا مبرحاً، أما انا فكان يعاملني معاملة حسنة.
ودائماً ما كان يحدثني عن أمي ويبرر لى ما يفعله بها بأنها امراة لا تصلح ان تكون أماً، فهي لا تهتم بنا وربما تخونه في محاولة منه بإقناعي بأنه الضحية ، ولكن الحقيقة غير ذلك.
بداية الحكاية
مضت الايام وعندما وصلت الى عمر الثانية عشرة ، كنت أجلس مع والدي في غرفته ، وهو على اعتاب مرحلة السكر نتيجة تناول كميات كبيرة من الخمر ، وجدت نفسي اتحدث اليه ، قائلا : ابي ما الذي تشربه ؟ اعطني منه لكي اشرب معك ، فقال لي “لا تقدر على ذلك” ، وأخذ ولاعة السجائر وألقاها إلي قائلاً: “جرب هذه” ، فتوقفت عن الحديث لثوان وانا انظر اليه وعيناي تحمل العديد من علامات الاستفهام عما يحدث، ثم بالفعل جربت السجائر ولكني لم أطيق رائحتها ، ثم بعد ذلك توقفت عن تناولها.
وفي يوم آخر كان أبي يتناول الخمر كعادته مع أصدقائه ، فوجدته يقول لي اذهب واحضر المزيد من الأكواب والثلج ، ذهبت وأحضرت له ما أراد ، وأخذ يتناول الخمر هو واصدقائه وانا أقف خلف النافذة لأراقبهم …
انتهت هذه الليلة وذهب أصدقاءه ، وذهبت أنا الآخر إلى النوم ، وعندما استيقظت في الصباح ، وجدت أبي ملقى مسطحاً على الارض ، فأخذت الكأس الخاص به ، ودار حديث بيني وبين نفسي ، لما لا اجرب هذا الكأس ؟ ما الذي يحتويه هذا الكأس حتي يجعل ابي أسير له ؟
توقفت لبرهة من الوقت ، وأخذت في شم رائحة هذا الكأس فلم أطيق الرائحة ، إنها رائحة كريهة ، كيف يتناولها ابي ؟
وفي إحدى المرات وأنا جالس بجانب ابي ، وهو يحدثني عن أمي وأنه يشك في خيانتها له ، أخذ كأس به القليل من الخمر ، وقال لي جرب هذا ؟
نظرت له باستغراب وأخذت الكأس بالفعل وشربته ، وكانت أول مرة أتناول فيها الخمر ، وشعرت حينها بأنني لا اتمالك نفسي ، وربما أطيح أرضاً ..
ناقوس الخطر
منذ ذلك الحين بدأت المشكلات تزداد يوماً بعد يوم بيني وبين والدتي ، فقد كنت أدرس في المرحلة الابتدائية، وكان أول كأس من الخمر هو بداية الانهيار الدراسي والرسوب …
شيئا فشيئاً بدأت ابتعد عن أصدقاء الدراسة ، واقتربت من أصدقاء أبي، فكنت أسهر معهم طوال الليل، نتحدث ونشرب الخمر سوياً.
إنذار رباني
عندما بلغت الخامسة عشرة من عمري تعرضت أنا وأبي لحادث سيارة، وتوفي أبي في الحال ، أما أنا فلم أُصب بأي أذى …
لم أتفهم هذا الإنذار الرباني ، ولم أتعظ منه ، فكنت أعمي العين والقلب ، وبسبب المخدرات أصبحت أهين أمي وأضربها أحياناً حتي أحصل على المال الذي أريده …
واستمراراً لمسلسل الضياع ، قابلت أحد الاصدقاء الذي أخذني في طريق الهيروين، الأمر الذي جعلني استمر في التصرفات الغريبة والغير مبررة، فقد أصبحت أتلذذ بضرب إخوتي الأصغر مني حتى أصبحت أمي تبكي بكاءا شديدا من مرارة ما أفعله بها ، واصبح أخوتي لا يحبونني ، فقد كنت أمثل لهم وحشاً كاسرا يريد ان يلتهم لحمهم.
وعندما حاولت امي أن تقنعني بالتعافي ، تطاولت عليها بالضرب واتهمتها بالزنا والخيانة لأبي ، وحينها كان لابد من الاستعانة بأحد المقربين، فلم تجد أمي أمامها سوى شقيقها الذي سرعان ما وضع حداً لهذه المهزلة باللجوء الى إحدى المصحات النفسية، وهناك بدأت رحلة علاج الادمان على المخدرات.
نظرة جديدة للحياة
في بداية الامر كنت غير مقتنع بفكرة العلاج ، أعاند كثيراً مع نفسي ، ولكن بعدما تخطيت أول مرحلة من العلاج، وبدأت أشعر بالتحسن في حياتي بمساعدة الاطباء والأخصائيين النفسيين استشعرت ضعفي …
وبداخل هذه المصحة سجدت أول سجدة لربي ، وبكيت كثيراً على ما مضى، سائلاً الله عز وجل أن يساعدني في التخلص من هذا السم وأن يغفر لي ما سبق ..
وبالفعل استجاب ربي لدعائي ، وبدأت استشعر لذة الايمان .. ياااا اللة كم كنت اعمي القلب والنظر
تم التحديث في 10 ديسمبر,2019 بواسطة موسوعة الإدمان