التفكير هو أعظم ما يمتلك الإنسان، وبه يستطيع أن يملك كل شيء في الحياة، وبدونه فهو لا يملك شيئاً علي الإطلاق بل يكون من ممتلكات الآخرين. يقول ” باسكال”: ” كرامة الإنسان تكمن في فكره”، وتقول الحكمة الهندية القديمة: ” أنت اليوم حيث أتت بك أفكارك وستكون غداً حيث تأخذك أفكارك”، ولذلك علينا أن نتعلّم التفكير حتى نعرف أين نقف وإلي أين ستقودنا أفكارنا غداً.
وفي هذا المقال سنتناول التفكير الإنساني بالشرح الاكاديمي وبشيء من التبسيط والتفصيل، حتى لا نغوص فيما غاص فيه الفلاسفة أمثال ديكارت وغيره من الفلاسفة.
المحتوى
مفهوم التفكير
الفكر هو مصطلح يشير الي مجمل الأشكال والعمليات الذهنية التي يؤديها الإنسان، مثل تصحيح الإستنتاجات بشأن ما هو حقيقي أو واقعي، أو بشأن كيفية حل المشكلات.
والتفكير هو عملية ذهنية نرسم بها خريطة العمل لتحقيق هدف ما. ويعرفه المناطقة – أي علماء المنطق – بأنه حركة الذهن من المعلوم الي المجهول، أي أن التفكير هو إجراء عملية عقلية في المعلومات الحاضرة لأجل الوصول إلي النتيجة المطلوبة.
والتفكير هو الهبة العظمى التي منحها الله للإنسان وفضله بها علي سائر الكائنات. وعندما نقارن بين الانسان في العصور القديمة والانسان في الحياة المعاصرة نجد أن الفارق شاسعاً، فقد بنى الانسان تلك الحضارة بتفكيره الخلاق وابداعاته، لذلك يُعرّفه الفلاسفة “بالمفكر” فكما أن الإنسان يسمع ويبصر فهو أيضاً يفكر ويتأمل ويبدع.
ولا شك أن السعادة هي حظ الإنسان المفكّر الذي يعمل عقله في كل أمر ليقف علي حقيقته ويستكشف أسراره، وسُأل حكيم عن أَولى الناس بالسعادة؟ -فقال: أنقصهم ذنوباً – قيل: ومن أنقصهم ذنوباً؟ – قال: أتمهم عقلاً.
النشاط العقلي عند الانسان
عندما يتعرض الفرد لأي نوع من المثيرات يتم استقبال هذه المثيرات من حواس مختلفة، أو عندما يتعرض الإنسان للمواقف فإن المخ البشري يبدأ في ممارسة العديد من الأنشطـة الذهنـية الداخلية والغير مرئية بهـدف تفسـير هـذه المثيرات أو هذه المواقف، وهذه الأنشطة الذهنية التي تتم داخل المخ البشري هي التي تجسد معنى ومفهوم التفكير. وجدير بالذكر أن الإنسان يستقبل يومياً عدد كبير جداً من الأفكار بأشكال متعددة، ويصل عدد هذه الأفكار في اليوم الواحد إلي أكثر من ستين ألف فكرة، وهذه الأفكار منها ما هو سلبي وما هو إيجابي، ولكن للأسف الشديد فإن الدراسات تشير إلي أن أغلبها أفكار سلبية وربما تصل نسبتها إلي 85%.
الحالات والمواقف التي تثير النشاط العقلي للإنسان
ولمزيد من الإيضاح نذكر بعض الحالات والمواقف التي تثير النشاط العقلي الإنساني فيما يلي . .
1_ حين تجد زميلاً غير منتبه لما يدور حوله، فتستنتج أنه يفكّر في أمر ما، وتتساءل فيما يفكر؟
2_ أما زميلك المتفوق في عمله أو دراسته، ويحصد أعلى الدرجات، ويقنع من يناقشه، فتصفه بأنه منظم التفكير.
3_ وعندما تفكر فيما حدث لك من خبرات سابقة في الماضي، فإنك تتذكر مواقف وتتذكر أصدقاؤك وتتذكر أين كنت، وهذا يسمى ” التذكر “، وهو أحد العمليات العقلية المتضمنة نشاطاً فكرياً أيضاً.
4_ وعندما تنظر الى مستقبلك الدراسي أو المهني وتحدد أهدافك بما يتفق مع قدراتك وطموحاتك، فأنت تفكر في مستقبلك وتضع خطة له.
5_ وعندما يعرض عليك صديق مشكلة خاصة به لتساعده في حلها، فتطلب منه جميع المعلومات عنها، ثم تقول له دعني أفكر، فهذا أيضاً نشاط ذهني.
فكل هذه الأنشطة الذهنية مثل التذكر والتفكير في المستقبل وحل المشكلات وغيرها تعد تفكيراً لأنها تتضمن نشاطاً ذهنياً.
خصائص التفكير الإنساني
وللتفكير الإنساني خصائص عديدة نذكر منها . .
1_ التفكير نشاط عقلي إنساني لا يعتمد على إحساس الفرد وإدراكه للواقع فقط، بل على معلوماته وخبراته السابقة. بمعني أن المخ يأخذ معلوماته من الذاكرة وما حدث في الماضي كما يأخذها من خلال الحواس.
2_ التفكير إدراك للقوانين العامة للموجودات: بمعنى أن المخ يستخدم ما توافر لديه من خبرة سابقة عن القوانين التي تعكس العلاقات والمبادئ العامة ويضعها في الاعتبار.
3_ يتم التعبير عن التفكير فى شكل لفظي رمزي: حيث يرتبط التفكير واللغة في وحدة واحدة لا تنفصل، فاللغة ما هي إلا الفكر المنطوق، والتفكير واللغة مثل وجهين العملة المعدنية الواحدة.
4_ يرتبط التفكير ارتباطاً وثيقاً بالنشاط العملي للإنسان: لأن التفكير يعتمد على النشاط العملي الاجتماعي، لتغيير واقع الانسان إلى الأفضل.
5_ التفكير يدل على خصائص الشخصية: فحاجات الفرد ودوافعه وانفعالاته وميوله، تنعكس على تفكيره وتوجهه في الحياة بصفة عامة.
مراتب الفكر عند البشر
التفكير عملية تتطلب جهداً وطاقة، ولا شك أن الناس غير متساوون فيما يببذلونه من جهد، فمنهم من يبذل الجهد القليل فيظل بذلك حبيس درجة متدنية من التفكير، ومنهم من يبذل جهداً أكبر فيرتقي بذلك إلي مرتبة أعلى من مراتب التفكير، ويقول “براتراند راسل”: “معظم الناس يفضلون الموت على التفكير … وفي الحقيقة فإن هذا ما يفعلونه.”! ويقصد بذلك أن الأكثرية العظمى من الناس لا يبذلون جهداً في عملية التفكير. وللتفكير ثلاثة مراتب هي ..
المرتبة الأولى:
هي مرتبة الفكر العادي والتي تتمثل في تدبير الفرد لشــئون حــياته العملية ومعالجة مشاكله اليومية الاعتيادية.
المرتبة الثانية:
حيث تتشكل عند الفرد مجموعة من المبادئ والمعتقدات، والتي تمثل القواعد التي يعتمد عليها في سلوكه وتعامله مع الأخرين وفى حكمـــه علــى الـــــناس أو الاشياء. وتسمى “بالفلسفة الخاصة”.
المرتبة الثالثة:
وهي التي يحاول فيها الفرد أن يبحث عن تأصيل نظري لمبادئه ومعتقداته التي يبني عليها أحكامه بشكل عام ، وبالتالي يصبح باحثاً في الفلسفة. ولكن معظم الناس يقفون عند المرتبة الأولى أو الثانية.
أهمية التفكير
يقول “توماس اديسون”: ” إن أشقى لحظات حياتي وأكثرها ضياعاً هي التي لا أجهد فيها عقلي بالتفكير.”، ما يعني عند اديسون أن التفكير يساوي الحياة، فقد وجد حياته وحريته وعظمته في تفكيره، ولا شك أن اديسون كان وسيظل من أعظم البشر علي سطح الأرض. وللتفكير منافع لا تحصى ومنها ما يلي ..
1_ المنفعة العملية للفرد: فالتفكير يساعد الأفراد على التنافس بشكل فعال في هذا العصر، الذي ارتبط فيه النجاح والتفوق بمدى القدرة على التفكير الجيد.
2_ المنفعة العامة: إن اكتساب مهارات التفكير الجيد، تساعد الأفراد على اصدار القرارات وحل المشكلات التي تواجههم.
3_ الصحة النفسية: إن التفكير الجيد يساعد الفرد على الراحة النفسية، حيث يتمكن من التكيف مع الأحداث والمتغيرات.
4_ القدرة على التحليل والتقويم والنقد: التفكير الجيد يقي الفرد من التأثر بأفكار الأخرين خصوصاً ان كانت خاطئة ولا تتفق مع قيمه، فيكون قادراً على دحضها بمبررات عقلية مقنعة.
ان التفكير جزء من الكيان الإنساني، وان لم يكن هو الروح فإنه علي الأقل اللغة التي تتحاور بها الروح مع نفسها.
تم التحديث في 23 نوفمبر,2019 بواسطة موسوعة الإدمان
جيد جداً