اتجاهك في الحياة:
وأما علي صعيد الاتجاه فإن المكاسب والخسائر تكون أكبر، لأن الإنسان إذا لم يعرف اتجاهه في الحياة سيكون مثل السفينة الضائعة التي تذهب مع الريح في كل اتجاه وينتهي بها الحال في النهاية إلي الهلاك، ولك أن تتصور العربة إذا قرر كل حصان من الأربعة أن يذهب في اتجاه مختلف عن الآخر، بالتأكيد ستتحطم العربة. وأما إذا كانت السفينة تسير في اتجاه محدد نحو هدف محدد، بالتأكيد ستصل، وكذلك فان العربة ستصل أيضاً عندما تسير الأحصنة معاً باتجاه هدف محدد.
وللأسف فإن أكثر الناس إما لم يحددوا اتجاههم في الحياة، وإما انهم يعرفون هدفهم ولكنهم يسيرون إليه ببطيءٍ شديد. ولقد عرفنا أسباب هذا البطيء وهو عدم وجود التوازن والانسجام بين قوى الجسد والعقل والنفس والروح. أما عن الاتجاه فإن المشكلة الكبرى تكون هي فقدان الهدف.
وتقول بعض الدراسات أن 97% من الناس ليس لديهم أهداف محددة، فقط هم يعيشون ويتفاعلون مع الحياة ومع متطلبات اللحظة الراهنة، وبذلك لا يكونون سوى مجرد رد فعل للظروف من حولهم، ومجرد خدم لغرائزهم الحيوانية.
ويعود ذلك إلي مجموعة أسباب أو مجموعة مواطن ضعف خطره عند الإنسان وهي ..
مواطن الضعف المتسببة في فقدان الهدف:
1 – الخلط بين النشاط والإنجاز: بمعنى أنهم يخلطون بين النشاط الذي يقومون به وبين الإنجاز الذي يحققونه، وهذا الخلط يجعلهم يعيشون في حالة من الانشغال الدائم ولا يركزون الا علي النشاط الذي بين ايديهم والذي يتكرر كل يوم، ويظنون انهم هكذا ينجزون ولكنهم في الحقيقة حبسوا انفسهم في شكل من اشكال النشاط الذي يتكرر كل يوم دون ان يؤدي إلي اي شكل من أشكال الارتقاء والنمو. ما يعني انهم يسيرون في حلقة مفرغة، والسير في حلقة مفرغة كهذه يستنفذ طاقاتهم ويجعل حالهم متدهور يوماً بعد يوم، ولن يؤدي إلي أي هدف.
واذا سألتهم لماذا لا تكونون اليوم أفضل من أمس؟ سيقولون أن الوقت هو مشكلتهم حيث لا يوجد وقت الا للقيام بنفس النشاط، والحق ان المشكلة ليست في الوقت اطلاقاً وإنما في طريقة إدارة حياتهم، لأنه لا يملك أغنى رجل في العالم دقيقة واحدة ازيد من أكثر الرجال فقراً. ليس نقص الوقت هو المشكلة وانما نقص التخطيط والإدارة.
2 – الخوف: وهو خوف مركب بمعنى أنهم يخافون من المجهول ويخافون من التغيير ويخافون من المجازفة بما يمتلكون من أجل ما يرغبون في امتلاكه. وصحيح أن هناك قدر من المجازفة في تحديد الأهداف ولكن هناك خطر أكبر وأخطر في عدم تحديد الأهداف، فالسفينة آمنة وهي علي الشاطئ، ولكن ليست من أجل ذلك صُنعت. والطائرة آمنة وهي علي الأرض ولكنها ليست من أجل ذلك صُنعت، في الواقع خبراء هندسة الطيران يقولون أن الخطورة تكون أكبر عندما تظل الطائرة علي الأرض. والخوف يجعلنا نتجمد مكاننا دون ان نتقدم إلي الامام، فلماذا لا نتخلص من خوفنا الآن ونحدد أهدافنا بوضوح ونلتزم أمام أنفسنا بتحقيقها؟! افعل ذلك. ويكون التخلص من الخوف بالنظر الي البدائل الممكنة وبتذكير نفسك بالخطر الأكبر المترتب علي عدم كتابتك لأهدافك.
3- عدم الاقتناع بضرورة تحديد الأهداف: وهذا هو السبب الثالث الذي يمنع الناس من تحديد وكتابة أهدافهم، أنهم غير مقتنعين أساسا بفكرة أنه من الضروري أن يضع الإنسان لنفسه هدف محدد، وهؤلاء يفضلون العيش كما اعتادوا وتجدهم من المنزل إلي العمل ومن العمل إلي المنزل وليس لديهم طموحات وتطلعات إلي حياة أفضل من حياتهم الحالية، وهم يمثلون أكثرية في المجتمعات البشرية ونسميهم بالأكثرية الهائمة.
وهؤلاء علينا أنا وأنت صديقي القارئ أن نوعيهم وأن نساعدهم وأن نعلمهم مما تعلمنا، لأن مشكلتهم الرئيسية هي عدم المعرفة، وعلينا أن نفعل ما علينا فعله معهم.
ان الإنسان الأقوى لا يخاف، بل يصنع من الخوف سلاحاً، وذلك من خلال النظر إلي الخوف علي أنه مجرد رسالة تحذيرية تجعله يقظاً باستمرار. ولا يخاف من استكشاف ضعفه، بل يجعل منه سلاحاً أيضاً من خلال تحويل نقاط ضعفه إلي مواطن قوة.
تم التحديث في 8 ديسمبر,2019 بواسطة موسوعة الإدمان