سبق ان تحدثنا عن أول مرحلتين من الإدمان وهما مرحلة الاستكشاف التي يكون فيها المدمن في بداية طريقه مدفوع بالفضول وبالرغبة في التجربة، ومرحلة شهر العسل التي يقضي فيها المدمن شهر عسل مع الموضوع الإدماني أو المخدر، بمعنى التطور المتطرف في التعاطي.
الآن سنتعرف علي المرحلة الثالثة من الإدمان وهي مرحلة أكثر تأخراً وأكثر خطراً من المرحلتين السابقتين، حيث يزداد تورّط المدمن في الإدمان أكثر وأكثر حتي يصل لهذه المرحلة البشعة.
يعبر اسم هذه المرحلة عما تحمله من معاني (مرحلة الخلخلة)، حيث يشعر فيها المدمن بأن مكونات حياته ومفاصلها الأساسية قد بدأت ترتخي وتضعف وتتخلخل، وأن حياته أصبحت علي وشك الانهيار، حيث تبدأ الأسس التي ترتكز عليها حياة المدمن بالاهتزاز والهلهلة، وتنذر بانهيار عالمه.
ويبدو الإدمان في هذه المرحلة وكأنه يأخذ حياة المدمن بالكامل ويحرقها، فتظهر المشاكل والاضطرابات وتعم علي حياته الاسرية، والمهنية، والحياة الاجتماعية، وكذلك تعم الخسائر علي كل ما هو قريب من المدمن أو عزيز عليه.
إنذار خطر
وهذه المرحلة مثل إنذار خطر يدق علي رأس المدمن ولكنه يسمعه وكأنه نصف نائم، وغير واعي إذا ما كان ذلك الإنذار حقيقةً أم حلماً، ولكنه إنذار حقيقي ويسمعه كل من حوله أكثر مما يسمعه المدمن نفسه، حيث يلاحظ من حوله تدهور أحواله واختلال نظام حياته.
سمات ومظاهر مرحلة الخلخلة
ومن أبرز سمات هذه المرحلة التي تظهر علي حال المدمن العزلة أو الانسحاب الاجتماعي وقلة المشاركة في الانشطة الاجتماعية، والاكتئاب، وقلة الحماسة لتحمل المسئوليات أو الوفاء بها، وبعض المدمنين يفكرون في الانتحار في هذه المرحلة نتيجة لشدة المشاعر السلبية التي يشعرون بها مثل الخوف والشعور بالذنب أو الخزي، والغضب، وعدم اليقين في المستقبل.
يشعر المدمن أيضاً وكأنه غضبان ممن حوله من الناس بدون أسباب واضحة لذلك، ويشعر أيضاً بالغضب من نفسه، وينتابه أيضاً خوف شديد مما سيحل علي علاقاته في المستقبل كالخوف من فقدان الزوجة أو العمل أو مما سيأتي عليه في المستقبل، وتمر عليه لحظات يشعر فيها بأنه ليس هو نفسه، ولكنه يستمر ويتمادى في الإدمان.
الإنكار والاحتيال علي النفس
من أهم سمات هذه المرحلة أيضاً الإنكار، حيث ينكر المدمن تماماً أي مسئولية للإدمان عن ما يحدث في حياته، وتعد هذه إحدى وسائل التضليل النفسي والاحتيال علي النفس التي تجعل المشكلة تتفاقم أكثر وتجعله يتمادى في الإدمان ويتورط أكثر. صحيح أنه في بعض الأيام يقبل فكرة أن السبب في تدهور أحواله ومواجعه هو الإدمان، ولكنه ينفي ذلك في اليوم التالي ويدّعي أن هذا ما يحدث مع الكثيرين.
وعندما يقترح عليه أحد فكرة العلاج فانه يقاوم الفكرة ويقاتلها، ويقول أنها كانت مجرد نزوه أو مجرد مرّة، وطبعا يكون ذلك نابع من إحساسه الوهمي بالسيطرة علي حياته وعلي مستقبله اذ يشعر أنه يستطيع ان يصحح المسار بنفسه وان لديه الوقت الكافي في المستقبل لذلك. ويعتقد أن بإمكانه خداع الآخرين والاحتيال عليهم، وأنهم إذا كانوا قد اكتشفوا أن لديه مشكله، فإنهم من المستحيل أن يكتشفوا أنه هو نفسه المشكلة.
انعدام الفعالية واحتقار الذات
يشعر المدمن أيضاً بأن كل يوم جديد هو عبئ جديد وكل مهمة تتطلب الكثير والكثير من الجهد حتي يتمكن المرء من القيام بها، حتى المهام الصغيرة والبسيطة تصبح صعبة وثقيلة، مثل النهوض صباحا من سريره وبدأ يوم جديد، أو المهام المنزلية البسيطة والعادية، وطبعاً كل ذلك يجعله يشعر بالسوء ويغذي صورة الذات السلبية لديه، مما يجعل حالته في هذه المرحلة تزداد سوءً.
ونتيجة لذلك الشعور المتزايد بالسوء لدى المدمن في هذه المرحلة وتزايد التوتر في حياته فإن هذه المرحلة تتميز أيضاً بالكثير من المشاكل والانفجارات والتذمر والجدال، وأكثر هذه الانفجارات تحدث في المنزل، حيث تسود الخلافات والنزاع بين الأزواج، وتغلق قنوات التواصل بينهم وتصبح القنوات غير الكلامية أو الرمزية هي السائدة، لأنه غالباً ما يتجنب الكلام.
تم التحديث في 10 ديسمبر,2019 بواسطة موسوعة الإدمان