نعم إنها إدمان .. لا تتعجب من ذلك، فالإنسان المحبط يفقد القدرة على التفكير السليم،
ويسعى إلى الهروب من الواقع عن طريقين إما جسدي مادي أو معنوي سلوكي.
فالتبعية الجسدية هي سيطرة المخدارت على جسد الإنسان حتى يصل إلى مرحلة تحكمها فيه وتدفعه إلى سلوكيات لا أخلاقية للحصول عليها،
كالسرقة والعنف بل تدفعه أيضا إلى الانحلال الأخلاقي وفعل أي شيء لمجرد الحصول عليها،
فيصبح عبدا لها هي التي تحركه وتتحكم به، أما التبعية السلوكية أو المعنوية فتدفع صاحبها إلى الهروب من الواقع،
عن طريق التكنولوجيا مثلا ووسائل التواصل الإجتماعي والألعاب الإلكترونية التي تهدر الكثير من الوقت دون أن يدري،
ودون إنتاجية مما يؤدي الى الفشل وربما خسارة عمله أو تجارته التي تتطلب وقته و تركيزه.
وتعتبر التبعية مشكلة لها جذور نفسية داخلية لدى الفرد وتكون النتيجة غالبا مرتبطة بالسبب،
كإدمان السرقة مثلا للإنتقام من المجتمع الذي تسبب له في أذى نفسي أو جسدي أو إدمان العنف،
وكذلك محاولة كسر جميع القواعد الدينية والإجتماعية في حالة إدمان الإنحلال الأخلاقي،
وهنا يصبح السلوك مسيطرا على صاحبه يحركه دائما إلى المزيد من السرقة والمزيد من العنف ..إلخ.
ولم تقف التبعية عند حد معين بل أثرت على دول بأسرها و أصبحت نوعا جديدا من الإستعمار،
كتبعية الدول النامية لدول العالم الثالث والتي أصبحت تتحكم فيها تكنولوجيا واقتصاديا وأيضا ثقافيا،
فأصبحوا يزرعون أي فكرة في عقول الشباب بسهولة عن طريق وسائل التكنولوجيا مستغلين وسائل التواصل الاجتماعي في ذلك،
بل و أصبحت تحركهم كيفما تشاء نظرا إلى جلوس الكثير من الشباب لساعات طويلة أمامها.
ولا نغفل ما حدث في العديد من الثورات التي إنتهت بدمار العديد من الدول،
فلقد استغلت حالة الإحباط العامة بعدما زرعت الفقر بصورة ممنهجة لتصل إلى أهداف استعمارية.
وهنا يتجلى لنا أن التبعية تعتبر من أخطر أنواع الإدمان التي لا تدمر فقط الفرد بل مجتمعات بأسرها.
حيث أننا إذا أمعنا النظر في من حولنا لوجدنا كل فرد ممسكا بهاتفه المحمول يتصفح وسائطه،
دون النظر إلى أبنائه الذين يلعبون من حوله و زوجته التي تجلس بجواره ممسكة هي الأخري بهاتفها غير منصتة لطفلها الذي يكلمها و يسألها عن شيء قد ينمي إدراكه المعرفي إذا ما ألقت الهاتف جانبا و أجابته.
ولكن الكثيرين دون شعور أصبحوا مرتبطين إرتباط مرضي بهذه الوسائل التكنولوجية،
لدرجة أصبح التفاعل الإجتماعي على هذه الوسائل فقط مما أسهم في زيادة عزلة الفرد و تعميق الشعور بالوحدة،
حتى وإن كان يحيط به الكثيرين ولكنهم يدمنون نفس الوسائط التي تصنع الحواجز بينهم دون أن يشعرون،
بل أصبحت الجرعة الكبيرة من الأخبار والإشاعات المغرضة سببا رئيسيا في العديد من حالات اليأس والإنتحار،
وزيادة الأمراض النفسية بكافة أنواعها من فصام ورهاب وفوبيا وجرائم نفس وما إلى ذلك،
فلا بد أن نقاوم هذا النوع الجديد من التبعية بأن نتحكم في التكنولوجيا لا أن تتحكم فينا.
تم التحديث في 30 سبتمبر,2018 بواسطة موسوعة الإدمان