تُعرف الصحة النفسية بأنها قدرة الإنسان علي تحقيق الهناء النفسي، وتحقيق أهدافه المنشودة بفعالية. وهو ما يمنحه الشعور بالإنجاز والرضا عن الذات. وبالتالي التفاؤل والأمل في المستقبل والثقة بالنفس والتفاعل مع الحياة بإيجابية.
ومعظم أسباب الإعتلالات النفسية ناتجة عن عدم قدرة الإنسان علي تحقيق الأهداف التي يرغبها ويطوق لإمتلاكها أو أن يصبح عليها، مما يصنع الفجوة بين صورته المثالية لذاته وبين صورته الذاتية والإجتماعية. مما يصيبه بالإحباط وتدني صورة الذات والإكتئاب ومعظم الإضطرابات النفسية.
ويعود سبب الإحباط دائماً إلي الطريقة التي يحدد بها الناس أهدافهم. فمنهم من لا يعرف كيف يحدد أهدافه وبالتالي يقضي حياته بدون أهداف وبدون وجهة يتجه إليها ويُضيع الكثير من الوقت ولا يحقق النجاح الذي يرضيه، ومنهم من يبالغ في أهدافه فيطلب أهداف كبيرة في وقت قصير وعندما لا تتحقق يُصاب بالإحباط، ومنهم من يترك أهدافه مفتوحه وغير مقيدة بزمان ولا مكان وبالتالي يكون من السهل تسويفها وتأجيلها مرة بعد أخري وفي كل مرة يصاب بالإحباط أيضاً.
ان مهارة وضع الأهداف من المهارات الحياتية التي تقي الإنسان من الوقوع في الإضطرابات النفسية مثل الإحباط والإكتئاب والقلق وغيرها من الإضطرابات النفسية، وكذلك فإنها من أقوى مهارات النجاح التي تمكّن الإنسان من تحقيق النجاح في حياته إذا أتقن فن تحديد أهدافه بوضوح.
وهناك العديد ممن لم يتمكنوا من إنجاز أي شئ بسبب عدم تحديدهم الواضح لأهدافهم، وهناك العديد أيضاً ممن يتقنون فن تحديد الأهداف بشكل يومي أو أسبوعي أو شهري أو سنوي، وهؤلاء يحققون نتائج مذهلة. ويعود نجاحهم إلي تركيزهم علي أهداف واضحة وقابلة للقياس.
وجدير بالذكر هنا أن نشير إلي الدراسات العديدة التي أجريت علي موضوع الأهداف والتي توصلت إلي أن 97% من الناس لا يمتلكون أهداف محددة بوضوح، وأن 3% فقط هم الذين يحددون أهدافهم. وكذلك كانت من نتائج الدراسة التي استمرت لعشرين عام أن ال 3% الذين حددوا أهدافهم حققوا دخل سنوي أكثر من ال 97% بالمائة الآخرين الذين لم يحددوا أهدافهم. مما يدل علي أن تلك القدرة علي تحديد الأهداف بشكل دقيق وواضح من أسرار النجاح.
ويرجع السبب في نجاح الكثير من رجال الأعمال في تحقيق طموحاتهم وأحلامهم إلي نجاحهم أولاً في صياغة أهداف محفزة لهم ساروا علي هديها وقدرتهم علي تخيل تلك الأهداف بوضوح وبمشاعر إيجابية.
ان الأهداف تثير أقوى قدرة عند الإنسان وهي قدرة التخيل. وفي كتاب ” فكر كما يفكر القائد” تضمن عدة نماذج منها قصة شاب أنهى دراسته بصعوبة وعمل في إحدى الشركات الكبرى في وظيفة إنتاجية وضيعة، ولكنه رأى نفسه من خلال قدرته علي التخيل مديراً للإنتاج في سن الخامسة والعشرين. وهو يصف كيف أنه شحذ همته ورسم ونمى الصورة الذهنية والمشاعر بل والزهو بما حققه في النهاية عندما جلس علي مقعد المديرين، وحقق في الواقع ما أستطاع أن يتخيله في ذهنه، واستمر علي هذا المنوال (القدرة التخيلية) حتى شغل بالفعل منصب رئيس مجلس الإدارة.
ان توسيع آفاق تصوراتنا الذهنية هو الأهم لأنه يأتي بنتائج عظيمة قد تكون أفضل من تلك الناتجة عن زيادة ساعات العمل أو تنمية الإرادة.
ويمثل الإنجاز جزأ من غريزتنا الإنسانية المرتبطة بالتوجه الكلي نحو تحقيق المتعة وتجنب الألم. ودائما ما تكون تصرفاتنا وسلوكياتنا من أجل أسباب أو أهداف معينة سواء عبّرنا عن ذلك أم لا. ونكون مدفوعين للتصرف من أجل تحقيق هدف ما (مهما كان صغيراً) ولدينا تصور ذهني عن النتيجة المرجوة. ودائماً لدينا مبرر لكل ما نقوم به.
وبمجرد تحديدك لأهدافك صديقي القارئ بوعي كامل وبوضوح، كما سبق أن حققت النتائج المرجوة والتي حققتها من خلال تصرفاتك، بنفس القدر من الوعي والوضوح، فستتوفر لك أفضل الفرص لترجمتها إلي سلوك وإنجازات.
تم التحديث في 27 مارس,2019 بواسطة موسوعة الإدمان