يقول الفيلسوف والروائي الفرنسي “جان بول سارتر”: ” الجحيم هو الآخرون”، ويقصد بهذه العبارة أنه عندما تكون العلاقة مع الآخرون علاقة فاسدة وملتوية، فإن الآخرون في هذه الحالة لن يكونون إلا الجحيم.
فكيف ينشأ هذا الجحيم ؟، كيف يمكن أن تتحول علاقاتنا مع الناس – وربما أقربهم إلينا – إلي جحيم، حتى دون أن نشعر بذلك؟، وإذا كان ذلك كذلك، فما الطريق إلي النجاة ؟، هذا ما سنحاول تقديمه لكم في هذا المقال وهذه الوجبة العقلية المفيدة 🙂 ..
إن الإنسان كائن حساس جداً وسريع التأثر بالآخرين، لدرجة أننا لن نكون مبالغين إذا اعتبرنا أن الآخرين هم جزء أساسي من الإنسان نفسه. فعقل الإنسان يتكون من مائة وخمسون مليار خلية عصبية تقريباً، وتستطيع الخلية الواحدة تخزين معلومات بحجم مكتبة الكونجرس الامريكية، ويستوعب العقل البشري حوالي 22 مليون فكرة في الثانية الواحده، ولا شك أن هذا يدل علي حساسية مفرطة للعقل البشري تجاه الآخرين والبيئة المحيطة، حيث يمتص كل المعلومات الشعورية واللاشعورية من حوله ويقوم بالإحتفاظ بها في سجلاته من أجل التصرف بناءً عليها مستقبلاً. وخبراء الدعاية والإعلان يعملون بدأب علي دراسة واستخدام تلك المعلومات من أجل التأثير علي خيارات الناس في الشراء.
يوجد أيضاً مجموعة من الخلايا في مقدمة الدماغ البشري تسمى “الخلايا المرآوية” ووظيفة هذه الخلايا هي محاكاة أفعال الآخرين وحركاتهم ذهنياً وكأنها حركات وأفعال الشخص نفسه، تم إكتشاف هذه الخلايا من خلال ظاهرة “الأطراف الشبحية” المعروفة مؤخرا في علم الطب، تلك الظاهرة التي تعني أن الشخص المبتور الذراع مثلاً إذا رأى شخصاً أخر صحيح يحك ذراعه فإنه يشعر بما يشعر به الشخص الآخر، ولا يرتاح إلا عندما يرتاح الشخص الآخر الصحيح.
يوجد أدلة كثيرة علي أن الناس ما هم إلا وحدات بنائية في بناء ونسق واحد ومنظومة واحدة وكيان واحد كلي، ويتأثر واحدهم بالآخر تأثراً كبيراً، وذلك علي المستوى السيكولوجي والإبستمولوجي، ومستويات أخرى.
إننا نتعرّف علي أنفسنا من خلال الآخرين، ونعتبرهم في أعماق تفكيرنا وسيلة مهمة لبناء تصورنا عن أنفسنا، وذلك من خلال أحكامهم علينا. حيث يستخدم العقل المعلومات التي كوّنها الآخرون عنّا عندما نفكّر في أنفسنا ونحاول معرفتها، وبالتالي يكون حكمنا علي أنفسنا يتضمنه حكم الآخرين علينا، ومهما قلنا عن أنفسنا فإن ذلك يتضمنه حكم الآخرين علينا.
وهذا ما دفع سارتر للقول بأن الآخرون هم الجحيم، لأنه مهما كان شعورنا فإنه ناتج عن معرفتنا بأنفسنا وتكون أحكام الآخرين هي جزء منه، فإذا كانت علاقتي مع الآخرين علاقة سلبية سيئة، فإنني بذلك سأجد نفسي في سجن وجحيم من صنعهم.
ان هذا يجعلنا نتوقف ونتسائل عن طبيعة علاقاتنا الإجتماعية بالآخرين، سواء كانوا أهل أو أصدقاء أو غير ذلك، وطبيعة تأثير تلك العلاقات علينا. ولا شك أننا سنجد بعض الجحيم الناتج عن الجهل وعدم الوعي، فعلي سبيل المثال لا يتعمّد الأبوان سجنك في هذا الجحيم عندما يطلقون عليك أحكاماً مثل أنت غبي أو أنت فاشل أو كسول أو أي شئ من هذا القبيل، وكذلك لا يتعمّد أصدقائك ذلك أيضاً، لذلك عليك أولاً أن تغفر، وثانياً أن تبدأ في صنع التناغم الذي يدعمك مع الآخرين والذي يرفع من تقديرك لذاتك.
ان الناس ليسوا جحيماً إلا بالقدر الذي نسمح لهم به بأن يكوّنوا عن أنفسنا المعلومات السلبية ويطلقون علينا الأحكام السلبية. ونحن المسؤلون عن تسويق أفضل ما لدينا من أجل صنع الصورة الإجتماعية والذاتية التي نرغبها ونرضى بها لأنفسنا. وذلك بالتأكيد يقتضي أن نعطي الكثير من فضائلنا.
تم التحديث في 8 أبريل,2019 بواسطة موسوعة الإدمان
شرح ضعيف و فج و ناقص…و لا يصل إلى مدى ثراء الفكرة الفلسفية
ممكن تقدم لي شرحا افضل لو سمحت لأن المقولة تهمني !