جلس رجل أربعينى وقور يُدعى رمضان، يميل لون وجهه إلى السمرة، من الإسكندرية،
يكبر كل الموجودين سناً، ولذلك فهم يحترمونه ويوقرونه، ويتخذون منه قدوة لهم بعد أن تعافى من الإدمان واستطاع أن يكون مشرفاً بأحد مستشفيات علاج الادمان لمساعدة باقى المدمنين على العلاج …
يقول رمضان مبتسماً وبلغته العامية المصرية: “أدمنت وعمرى 9 سنين، حاولت أبطل ما عرفتش،
لدرجة إنى اتعالجت من الإدمان 14 مرة، منهم مرة قعدت فيها 3 سنين من غير ما أتعاطى،
لكن حصلت لى انتكاسة ورجعت أتعاطى مخدرات مرة تانية،
لحد ما ربنا كرمنى من سنة ونص وخضعت لبرنامج علاجي تأهيلي والحمد لله اتعافيت من الادمان.”
يتنهد «رمضان» ويرجع ظهره للخلف ويتذكر أيام تعاطى المخدرات قائلاً:
“حياتى لم يكن لها طعم أو معنى أثناء الإدمان ، كنت إنساناً مغيباً هوائياً لا يفكر إلا فى التعاطى،
أما الآن فأفتح عينى الصبح أدعى ربنا وأقول، يارب ساعدنى ما أشربش مخدرات النهارده،
لازم الواحد يفكر نفسه إنه مدمن عشان يقاوم نفسه، السموم تخرج من الجسم خلال أسبوع واحد لكن أزمة الإدمان فى الفكر،
الإدمان بالأساس مرض فكرى، لذلك أفعل 5 أشياء كل يوم، الدعاء، ومشاركة زملائى المتعافين فى كل أمورى،
والحرص على مقابلتهم فى أماكن مخصصة لذلك،
ووضعى كمشرف يساعدنى على الابتعاد عن التعاطى وهناك مقولة جيدة تقول نحن لا نحتفظ بما لدينا إلا بتقديمه للآخرين،
مشاركتنا مع بعضنا لا تدور فى صورة نصائح لكن تكون اقتراحات فقط”.
ما أعظمك أيها الرجل الوقور .. ابتليت بهذا الداء وعمرك 9 سنوات أي أنه تمكن منك أي تمكن ..
وكما يقولون التعليم في الصغر كالنقش على الحجر، فإن الادمان في الصغر أيضاً كالنقش على الحجر ..
فما أصعب الخروج من هذه الدائرة السوداء إذا وقع ضحيتها فيها في الصغر ..
ما أعظمك أيها الرجل الوقور ، فلقد حاولت أربعة عشرة مرة ولم تيأس ولم تستسلم إلى أن وجد الله منك الإصرار على النجاة فأعانك وردك إلى الحياة ..
ما أكرمك أيها الرجل الوقور ، فلقد علمت أن السر في النجاة ، ليس بالنجاة بمفردك ، ولكن بمعاونة الآخرين على النجاة مثلك ، فتثبتون بعضكم البعض وتشدون من أزر بعضكم البعض ..
ما أحوجنا جميعاً لنكون مثل هذا المعالج القوي العزيمة المقاوم للهزيمة لكي ننجو جميعاً من إدماننا أياً ما كان نوعه ..
تم التحديث في 13 سبتمبر,2018 بواسطة موسوعة الإدمان