ما هي التنمية البشرية؟، ماذا تعني؟، وما مدى قوة تأثيرها علينا وعلى مستقبلنا؟، وكيف يمكن تطبيقها في بلادنا؟، ومن أين نبدأ؟
تلك هي الأسئلة المهمة التي يجب أن تُطرح حالياً بخصوص التنمية البشرية وموضوعاتها، ولا شك أنها أسئلة مهمة لأنها ستبدد الغموض الذي يلف هذا العلم وهذا المجال الجديد أو بالأحرى الذي يعتبره الكثيرين جديداً.
في هذا المقال سنجيب على هذه الأسئلة ونأمل أن نقدّم تصوراً واضحاً عن التنمية البشرية يساعدنا على تطبيقها تطبيقاً عملياً في بلدنا الحبيبة مصر وجميع البلدان العربية والإسلامية وعلى أنفسنا أيضاً التي هي أهم من أي شيء آخر.
صحيح ان البعض من ثقلاء الظل اقتحموا هذا المجال وادعوا انهم خبراء به دون ان يقدموا لنا أي دليل علي خبراتهم ودون أن نرى لهم أي انتاج معرفي او إنجازات تجعلنا نصدقهم ونثق بخبرتهم المزعومة، مما أثر بالسلب على مصداقية هذا المجال وعلى سمعته، إلا اننا نرى انها ظاهرة إيجابية، لأنهم على الأقل مناصرين للتنمية البشرية ومؤمنين بضرورتها وبضرورة التغيير والتطوير، ولا شك انهم مع الوقت سيكتسبون الخبرات التي يدّعونها، فلا شيء سيئ يدوم ابداً.
وإذا كنا قد تحدثنا في مقال سابق عن “الطريق الآخر لحياة أفضل” وقلنا أن الطريق الآخر هو وعي آخر ومستوى آخر من التفكير غير المستوى الذي نتجت عنه مشكلاتنا وأزمات مجتمعنا، فإننا نعتبر التنمية البشرية طريقاً آخراً مغايراً للطريق الذي نسير فيه لما تحمله من فكر آخر جديد ووعي آخر يقدم الحلول لمشكلاتنا الشخصية والمهنية، النفسية والاجتماعية، وكذلك لمشكلات مجتمعنا السياسية والاقتصادية والإدارية وفي كافة المجالات، وما أكثر تلك المشكلات.
فهيا بنا لنستكشف هذا الطريق الجديد ونتعرف على التنمية البشرية.
المحتوى
تعريف التنمية البشرية:
التنمية البشرية مصطلح مكون من كلمتين “تنمية” و “بشرية”، لذلك علينا أن نتناول أولاً مفهوم “التنمية” لنتعرف على أبعاده التي تحدده كمفهوم لا ككلمة، فمن المعروف ان معنى كلمة تنمية هو النماء والزيادة – نما الشيء نماءً، ونموّاً: أي زاد وكثر – وأما مفهوم التنمية فله أبعاد ثلاث يمكننا تحديدها علي ضوء ما جاء في الإعلان العالمي عن حق التنمية الذي نُشر في عام 1986م حيث جاء فيه أن التنمية هي:”عملية اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية شاملة تستهدف التحسين المستمر لرفاهية السكان بأسرهم والأفراد جميعهم على أساس مشاركتهم النشطة والحرة والهادفة في التنمية والتوزيع العادل للفائدة الناجمة عنها”. وهذه الأبعاد الثلاث هي :
أولاً – الشمول:
بمعني أن عملية التنمية تتسم بالسمة الشمولية، أي تشمل كل شيء تقريباً، فمن الممكن أن نقوم بتنمية أي شيء، ومن الممكن أن نضع مصطلح التنمية بجانب أي مجال آخر، فمثلاً نجد أن هناك التنمية الزراعية في مجال الزراعة، والتنمية الصناعية في مجال الصناعة، والتنمية السياسية في مجال السياسة، والتنمية الثقافية في مجال الثقافة، والتنمية الإدارية في مجال الإدارة، والتنمية التكنولوجية في مجال التكنولوجيا، والتنمية الفكرية في مجال التفكير، والتنمية البشرية فيما يخص البشر، وتنمية الثروة السمكية، وتنمية الثروة الحيوانية، والثروات المعدنية وغيرها، وحتى أن نقوم بعملية تنمية في قسم المبيعات مثلاً أو غيره من الأقسام في داخل الشركة فنقول تنمية المبيعات و تنمية التسويق و تنمية السكرتارية ..والخ فهو مصطلح يتسم بالشمولية ويمكن أن يشمل كل المجالات وكل مناحي الحياة.
ثانياً – الصيرورة :
والبعد الثاني الذي تتسم به عملية التنمية هو الصيرورة أو الديناميكية أو التغير المستمر، بمعنى أن الأهداف أو النتائج التي حققناها اليوم من خلال عملية التنمية ليست هي النهاية بل ان هذه النتائج المحققة تكون هي البداية لمرحلة تنموية جديدة، وهكذا فان عملية التنمية عملية حيوية تستمر بلا توقف عند نتيجة بعينها، لأنها إذا توقفت تفقد معناها، فالوصول إلى قمة الجبل ليست النهاية، لأننا نجد قمم أخرى نتطلع إلي تسلقها.
ثالثاً – خصائص العنصر الفاعل في عملية التنمية:
والبعد الثالث والأخير من أبعاد عملية التنمية هو خصائص العنصر الفاعل في عملية التنمية والذي سيقوم بعملية التنمية، وهذا العنصر الفاعل هو الإنسان لذلك فإن خصائصه تكون هي المحدد الثالث والبعد الثالث لمفهوم التنمية. وإلى هنا ينتهي تعريف مفهوم “التنمية” ليشير إلي العنصر الفاعل في عملية التنمية بــ “البشرية” ، فما هي خصائص هذا العنصر البشري الفاعل في عملية التنمية؟
نستكمل في المقال القادم بإذن الله …
تم التحديث في 27 أكتوبر,2019 بواسطة موسوعة الإدمان