ان أغلب المشكلات النفسية ترجع أسبابها إلي مرحلة الطفولة، بل ان بعض علماء النفس الكبار مثل “فرويد” يرجعون كل أسباب المشكلات النفسية الي مرحلة الطفولة. وذلك يبرز مدي أهمية التربية في حياة الإنسان ومدى أهمية الدور الذي يلعبة كل من الأب والأم في حياة أبنائهم. وفي هذا المقال سنشير إلي بعض النصائح والنقاط الهامة التي يجب أن تؤخذ في الإعتبار من أجل تنشأة نفسية سليمة.
ان نمو الطفل نموا نفسياً سليماً يتطلب أن نهتم بالمناخ الذي ينشأ فيه الطفل، لأن الخلافات بين الأب والأم وكذلك عدم توحد أهدافهم في تدبير شؤون أطفالهم يترك تأثير سلبي علي شخصية الأطفال يستمر معهم طوال حياتهم ويصبح جزأً من شخصيتهم.
لذلك علي الوالدين دوماً إعادة تقويم ما يجب أن يتصرفا به حيال سلوك الطفل وأن يزيدا من اتصالاتهما ببعضهما خاصة في بعض المواقف السلوكية الحساسة لأن الطفل يحتاج إلى قناعة بوجود انسجام وتوافق بين أبويه وعليهم أيضاً أن يتفقا علي منهج تربوي موحد وأن يلتزما بقواعد سلوكية تساعد الطفل على أن ينشأ في توازن نفسي.
واذا لم يكم هناك توافق وانسجام بين الأبوين ستظهر نتيجة لذلك العوارض والمشكلات النفسية التي تنمو مع نمو الطفل. ومثال علي ذلك الإضطراب النفسي الانفعالي الذي يصيب الطفل من جراء تضارب مواقف الوالدين من السلوك الذي يبديه:
“علي” عمره أربعة أعوام يعمد إلى استخدام كلمات الرضيع الصغير، فكلما رغب في شد انتباه والديه، وبخاصة أمه إلى إحدى حاجاته فإذا كان عطشاً فإنه يشير إلى صنبور الماء قائلاً: “أمبو.. أمبو” للدلالة على عطشه.
ترى الأم في هذا السلوك دلالة على الفطنة والذكاء لذا تلجأ إلى إثابته على ذلك، أي تلبي حاجته فتجلب له الماء من ذاك الصنبور.
أما والده فيرى أن الألفاظ التي يستعملها هذا الولد كريهة، فيعمد إلى توبيخه على هذا اللفظ الذي لا يتناسب مع عمره. وهكذا أصبح الطفل واقعاً بين جذب وتنفير، بين الأم الراضية على سلوكه والأب الكاره له ومع مضي الزمن أخذت تظهر على الطفل علامات الاضطراب الانفعالي وعدم الاستقرار على صورة وسهولة الإثارة والانفعال والبكاء، وأصبح يتجنب والده ويتخوف منه. فعلي الوالدين أن يرسما خطة موحدة لما يرغبان بأن يكون عليه سلوك الطفل وتصرفاته.
وعليهما أيضاً أن يشجعا طفلهما بقدر الإمكان للإسهام معهم في وضع قواعد السلوك الخاصة به أو حين تعديلها، ومثال علي ذلك عندما يتصرف الطفل تصرف خاطئ، يمكن للأم أن تسأل الطفل هل هذا التصرف صحيح أم خاطئ ؟ فيجيب الطفل قائلاً: خاطئ فتقول الأم إذاً لا تكرر هذا التصرف مرة أخرى. وهذا ما يسمى بالتقويم المعرفي وهو فعّال ويشجع الطفل علي وضع قواعد لسلوكه بمساعدة والديه مما يجعله أكثر إلتزاما به ويشعر بأن عليه أن يحترم ما تم الإتفاق عليه لأنه أسهم في صنع القرار. كما أن شعور الطفل بالحب والإهتمام يسهل عملية التواصل والأخذ بالنصائح التي يسديها الوالدان إليه.
كذلك على الوالدين عدم وصف الطفل بـ(الطفل السيئ) عندما يخرج عن هذه القواعد او يخرقها، ولكن ما يجب أن نصفه بأنه سئ هو السلوك السئ وليس الطفل، حتى لا يشعر الطفل بأنه مرفوض لشخصه مما يؤثر على تكامل نمو شخصيته مستقبلاً وتكيفه الاجتماعي.
ومثال آخر على المشاركة في وضع قواعد السلوك: “هشام ومحمد” طفلان توأمان يحبان أن يتصارعا دوماً في المنزل، وهذه المصارعة كانت مقبولة من قبل الوالدين عندما كانا أصغر سناً (أي: في السنتين من العمر) أما في عمر أربعة أعوام فإن هذا اللعب أضحى مزعجاً بالنسبة للوالدين.
جلس الوالدان مع الطفلين وأخذا يشرحان لهما أن سنهما الآن يمكنهما من أن يفهما القول، ولابد من وجود قواعد سلوكية جديدة تنظم تصرفاتهما وعلاقاتهما ببعضهما.
بادر الولدين بالسؤال: هل يمكننا التصارع في غرفة الجلوس بدلاً من غرفة النوم؟ هنا وافق الأبوان على النظام التالي: المصارعة ممنوعة في أي مكان من المنزل عدا غرفة الجلوس.
وجدير بالذكر أنه عندما يسن النظام المتفق عليه لابد من تكرار ذكره والتذكير به، بل والطلب من الأطفال أو الطفل بتكراره بصوت مسموع من أجل تعزيز الاتفاق.
ان الأطفال هي أكثر الكائنات حساسية وأكثرها تأثراً بالمحيط وقديماً قالوا أن التعليم في الصغر كالنقش علي الحجر ذلك لأن كل ما يغرث في وجدانهم في الصغر يستمر وينموا معهم وعلينا أن نعي جيداً هذه الحقيقة وأن نسعى دائما لإكتساب المعرفة التي تساعدنا في تنشأتهم تنشأة صحية سليمة.
تم التحديث في 27 ديسمبر,2018 بواسطة موسوعة الإدمان