خُلق الإنسان ليختار. والإختيار إحدى الملكات التي أنعم الله بها علي الإنسان وأختصه بها وحده دون سائر الكائنات، وبدون الإختيار يخسر الإنسان جزأ مهم من وجوده الإنساني.
وتحدد نوعية إختياراتنا طريقة حياتنا، وطريقة حياتنا هي التي تحدد شكل عالمنا. وهكذا فإننا إذا انتبهنا لنوعية إختياراتنا سنتحكم في طريقة حياتنا، وسنستطيع أن نجعل شكل عالمنا جميل ورائع.
المشكلة أن أكثر الناس لا يمارسون عملية الإختيار بوعي كامل منهم، ويعيشون حياتهم فقط كرد فعل للمثيرات المختلفة من حولهم.
وهناك من لا يختارون أي شئ علي الإطلاق، وعندما يتركون الإختيار يتركون معه إرادتهم، لأن هناك علاقة قوية جداً تربط بين الإختيار والإرادة.
فالإختيار هو تفضيل شئ علي الآخر والتحرّك نحو فعله، أما الإرادة فهي تعني القدرة علي الإختيار. ويعني هذا أن مفهوم الإرادة يحتوي بداخله علي مفهوم الإختيار، كما أن مفهوم الإختيار موجود بداخل أحشاء مفهوم الإرادة.
ولا يشتمل مفهوم الإرادة علي مفهوم الإختيار وحده، بل ان هناك مفاهيم أخرى موجوده بجانبه، منها علي سبيل المثال مفهوم الرغبة، الا اننا سنركز هنا فقط علي العلاقة بين مفهومي الإختيار والإرادة.
وإذا عرّفنا الإرادة بأنها القدرة علي الإختيار، فإن هذا معناه أن القدرة علي الإختيار هي المقياس الذي يمكن أن نقيس به قوة الإرادة، فكلما زادت قدرتك علي الإختيار كلما زادت قوة إرادتك.
والإرادة هي أهم شئ علي الإطلاق. ولا شك أن جميعنا بحاجة إلي تقوية إرادته، لأنه عندما تتواجد الإرادة لفعل شئ ما، تتواجد معها الوسيلة لفعل هذا الشئ، حتى وان لم تكن موجوده من قبل.
لكن وجود الإرادة عند الإنسان مشروط بممارسة عملية الإختيار، لأنه إذا كان الإختيار عبارة عن تفضيل شئ علي الآخر والتحرك لفعله، فإن الإرادة هي القدرة علي الإختيار. وهكذا فإن علاقة الإختيار والإرادة علاقة ضرورية وحتمية، وبدون الإختيار لن يكون هناك وجود للإرادة.
ولكي نمارس عملية الإختيار بشكل صحيح، وبالتالي نمتلك قوة الإرادة، علينا أن نفهم الإختيار فهماً صحيحاً، وعلينا أن نعرف كيف نختار ومتى نختار. لأن مجرد تفضيل شئ علي الآخر لا يعد إختياراً كاملاً.
الإختيار يعني أن تتحمل مسؤلية عواقب وتبعات ومآلات إختياراتك. وهذا يعني أنك عندما تختار شئ فإنك بذلك تختار النتيجة النهائية لهذا الشئ.
عندما تختار عادة معينة مثل التدخين علي سبيل المثال، فإنك بذلك تختار النتيجة النهائية لهذه العادة. وهذا المعنى عظيم جداً.
لأنك عندما تتحمّل مسؤلية إختياراتك لن يكون هدفك هو إرضاء الآخرين فقط، ولن تكون مدين لأي شخص بأي شئ علي الإطلاق، ولن تكون عرضة للإحساس بالخوف من أن تخيّب ظن الآخرين بك، لأن آمال وتوقعات الآخرين خاصة بهم هم، وليست إلتزامات عليك أن توفي بها.
وعندما تمارس عملية الإختيار فإنك بذلك توجه عقلك وتركيزك نحو الأفعال التي ستفعلهما، وليست الأفعال التي لم تفعلها. وعندما تمارس الإختيار فإنك تمارس حريتك التي هي حقك الطبيعي.
وعندما تمارس بوعي هذا النوع من الإختيار مراراً وتكراراً، فإنك بذلك تبني عضلة التحكم في الذات عندك، وتقوي إرادتك، وتعتمد علي نفسك وبالتالي تثق بنفسك وبإختياراتك، وتلك هي عناصر القوة التي تجعلك إنسان أقوى.
تم التحديث في 17 مارس,2019 بواسطة موسوعة الإدمان