نستكمل حديثنا اليوم عن الادمان وأسبابه الدافعة والمانعة ، وسيكون حديثنا اليوم عن التأخر والفشل الدراسي وعن الفضول ، حيث يُعد الفشل الدراسي من الأسباب التي تصنع المدمن أيضاً، فالطفل الذي يفشل في دراسته بسبب اهمال الأهل أو اهمال البيئة التعليمية يحاول أن يثبت نفسه في نواحي أخرى، فيخرج إلي الشارع ويكوّن الشِلل ويدخّن السجائر، ومثل هذا الطفل هو الذي يتعاطى المخدرات في الكبر ويدمن عليها.
وفي كتاب “المجتمعات المستهدفة للتعاطي والاتجار في المخدرات” يقول أحد المدمنين من الطلبة : ” في الحقيقة أنا من الطلبة الفاقدة، انفصلت قبل ذلك مرتين، بسبب أنني اغيب كثيراً عن المدرسة، وبسبب مشاكلي الكثيرة التي اتسبب فيها في المدرسة، وحالياً اعيد للمرة الثانية الصف الثاني الثانوي، والغياب الكثير هذا سببه انني واصدقائي نخرج ونتفسح و (نعمل دماغ)، وكان هذا هو سبب هروبنا من المدرسة”، وجدير بالذكر أن مثل هذا الطفل يحاول اثبات نفسه بأي ثمن في شيء آخر أو مجال آخر غير المدرسة، فيخرج إلي الشارع ويجرب كل ما فيه لكي يكتشف نفسه، ومثل هذا الطفل يتم استقطابه من قبل تجّار المخدرات لاستخدامه في عملية تجارة المخدرات، ويستخدمون براءته كطفل للاختباء خلفها والاتجار في المخدرات من خلالها.
الفضول كأحد أسباب الإدمان
الفضول الزائد عن الحد وحب الاستطلاع والمغامرة الزائد عن الحد والذي لا يكتفي فيه الفرد بحديث الخبراء عن المخدرات ويرغب في خوض غمار التجربة بنفسه معتمداً علي ثقته في نفسه ومدعياً القوة ويقول: ” لا شيء يستطيع ان يسيطر عليَّ”، فيذهب ويجرّب المخدرات مرة ثم أخرى، مما يجعله عرضة للإصابة بالإدمان عليها وعدم القدرة علي الفكاك منها.
وهناك قصة عن مثل هذا النوع من الفضول القاتل جاءت في كتاب امبراطورية الشيطان تحكي عن شاب سمع عن الهيروين وما يحدثه الهيروين من نشوة ولذة فأراد أن يجربه، وبحث بنفسه عليه ثم قام بشرائه وبتناوله، ويقول هذا الشاب: ” ظننت أن شيئاً في الدنياً لن يستطيع أن يسيطر عليَّ، فأنا شاب قوي، واستمريت علي تعاطي الهيروين وبعد فترة قصيرة تغيّر وضعي كله وتدهورت أحوالي، فبدأ جسمي يضعف ويهزل، وبدأت النقود تقل في يدي، فقررت أن اترك الهيروين لكنني عجزت عن ذلك. لقد استعبدني ذلك المخدر اللعين، وبعد عدة محاولات للتوقف، لم تفلح كلها، أدركت أنني أصبحت من المدمنين، وأنه لا مفر أمامي من متابعة الطريق، وشاءت الأقدار أن يُلقى القبض عليّ، فسجنت وكم تعذبت في السجن، كان جحيماً، وكان شيئاً أصعب من الموت”.
وفي هذا الإطار يمكننا أن نفرّق بين الشخص الاستكشافي الذي دفعه الفضول وحب الاستكشاف إلي تجربة المخدرات مرة واحدة وقد لا يعود اليها مرة أخرى، حيث ان هناك نسبة كبيرة ممن تعاطوا المخدرات مرة واحدة لم يعودوا إليها مرة أخرى، ويذكر الدكتور ” احمد عكاشة” في كتابه “الادمان خطر” أن من بين كل ستة عشر فرداً قاموا بتعاطي المخدرات لأول مرة بدافع الفضول والتجربة انقطع منهم احدى عشر شخصاً عن تكرار التعاطي لمرة أخرى، بينما ظل أربعة آخرون يعودون الي التعاطي مرات أخرى في المناسبات، وشخص واحد منهم ينزلق في هاوية الادمان. ولكن المدمن بالمناسبة الذي يجرب المخدرات مرة ثم يعود اليها مرات اخرى في المناسبات يكون هو الاكثر عرضة للوقوع في فخ الإدمان بزيادة الجرعة أو بزيادة عدد المرات فيصبح مدمناً منتظماً، أي ينتظم علي تعاطي المخدرات وينزلق في هاوية الادمان المدمّر.
تم التحديث في 4 مايو,2019 بواسطة موسوعة الإدمان