فيما يلي أستخدمنا أسلوب الشرح مع القصة علي قدر المستطاع، لأن القصة هي أفضل طريقة يتعلّم بها العقل، فالعقل البشري دائماً يبحث عن الصورة ويحاول أن يكملها بسبب أن سرعته أسرع بكثير من سرعة قراءتك لهذه الكلمات وتحليل المعلومات التي نقدمها لك، لذلك فإن القصة تجعله يفتش فيها ويحاول اكمالها مما يعني فهماً أكثر واستيعاباً أكثر، ولا شيء أبلغ من القصة.
- القصص الشعبية والإيحاء السلبي:
القصص والحكايات السلبية التي تنتشر في المجتمع والتي تمثل ثقافة المجتمع أيضاً لها دور كبير في صناعة المدمن، ففي الأحياء الشعبية تنتشر قصص عن الادمان وحكايات كثيرة عن السرقة والإتجار في المخدرات والتعاطي والسكر والمشاكل والكثير جداً من القصص والحكايات الشعبية التي تتسم بالسمة السلبية جداً والتي تُورّث من جيل إلي جيل وينشأ ويتربى عليها أطفال يكونون أكثر استعداداً بل وأكثر فضولاً وميلاً لتعاطي المخدرات.
وقصص مثل قصة الشاب الفقير الذي اغتني من تجارة المخدرات وأصبح رجل أعمال ذو شأن في المجتمع تجعل النشأ الجديد يفكرون في تجارة المخدرات كوسيلة للثراء السريع والهروب من الفقر الذين يتألمون منه، والقصص التي تجعل من مدمن المخدرات بطلاً شجاعاً مغامراً، وربما يتصف ببعض الصفات الحميدة مثل النخوة والكرم والوطنية وغيرها، تجعل النشأ الجديد من الشباب يفهمون بعقلهم اللاواعي ان المدمن الراضي بإدمانه بطلاً يستحق الاحترام، وينمو لديهم الفضول في استكشاف هذا العالم، عالم المخدرات.
ومثل هذه القصص عندما يُروج لها من خلال الفن والسينما وتصبح جزءً من الحكايات الشعبية، تجعل شباب المجتمع بالكامل لديهم استعداداً لكي يكونوا مدمنين للمخدرات، أو بمعنى أصح (مدمنين بدرجة مستعدين) لأنهم بمجرد توافر المخدرات في متناول ايديهم لن يستطيعوا منع انفسهم من تناولها بسبب هذا النمط الفكري الذي تم تربيته وتنميته بداخل عقولهم من خلال “الإيحاء” وشكل لديهم الأسباب الدافعة للتعاطي والمانعة عن عدم قول لا للمخدرات.
والإيحاء هو أقوى الطرق واسرعها علي الاطلاق في الدخول إلي العقل اللاواعي وغرس الأسباب الدافعة والمانعة فيه، والتي تكون مثل التعليمات التي يستجيب لها الشخص بطريقة تشبه استجابة الإنسان الآلي للتعليمات البرمجية المخزنة فيه.
وهذا الأمر في غاية الخطورة إذا كنّا فعلاً نُريد تقدير الأمور حق قدرها، لأنه يؤدي إلي انهيار الجدار الذي يفصل بين الإيحاء والواقع، فيصبح الشخص نفسه هو القصص التي سمعها وتربى عليها منذ طفولته، وتتحول القصة إلي واقع مادي يعيشه الشخص في حياته الواقعية.
ويجب ان ننتبه جيداً لهذه الحلقة المفرغة والتي قد تكون متعمّدة – لما لا؟ – بهدف تدمير شبابنا وتحويلهم إلي مدمنين مستهلكين للمخدرات التي تنهكهم وتُضعف قواهم، وعلينا أن نتدخل بكل الطرق لكسر هذه الحلقة المفرغة وإنقاذ ابناؤنا من خلال خلق مناخ ايجابي ومحيط ايجابي وثقافة إيجابية تحميهم من تلك الإيحاءات السلبية وتساعدهم علي الابداع والابتكار والانتاج والنجاح في مستقبلهم والاستمتاع الايجابي بالحياة …
وفي الجزء الثالث من هذه المقالة، سنتعرف على سبب جديد من الأسباب الدافعة والمانعة .. فتابعوا معنا …
تم التحديث في 4 مايو,2019 بواسطة موسوعة الإدمان