عادة ما يحلم الكثير من الشباب بصورة مثالية للحياة الزوجية ويرسمون أحلاما وردية،
ويخططون لأعوام من السعادة و لكن هذه الصورة سرعان ما تتلاشى بعد العام الأول،
حيث تبدأ المسؤلية الحقيقية ,و خصوصا إذا تلاها انجاب طفل ,و كذلك يتعرض الزوجين إلى موجات عنيفة من اصطدام في الطباع و الثقافة و العادات.
و قد يتدخل الأهل و الأصدقاء كلٌ على حسب ثقافته فتؤدي إلى زيادة المشاكل و وضع الأمور في غير حجمها،
وقد تؤدي كثرة الخلافات إلى إنهاء الحياة الزوجية بعد فترة قصيرة دون إعطاء الزوجين بعضهم البعض فرصة لتدارك تلك الأزمات،
فتؤدي إلى التفكك الأسري بما له من تبعات نفسية و مادية يتأثر بها الأطفال بصورة مباشرة،
فيضطر الطفل الاختيار بين العيش مع والدته دون الإحساس بالأمان و حقه في وجود والده إلى جانبه ليقومه،
أو الحرمان من حنان أمه إذا ما انتهى به الأمر إلى العيش مع أبيه و قد يحرم من كليهما ليركن الوالدين إلى الأجداد لتربية أبنائهم.
و هنا يجب على الوالدين قبل اتخاذ هذه الخطوة التي وصفها الله بأبغض الحلال أن يحاولا مرة أخرى أن يتخطيا تلك المشاكل،
واللجوء إلى الأخصائيين الذين من الممكن ان يضيئوا لهم الطريق من خلال تحديد مواطن الخلاف،
ونقاط القوة والضعف في الطرفين و البحث في سبل التوافق بينهم.
فقد تكون المشكلة صغيرة لا تستدعي تحويلها إلى أزمة و لكن بسبب عدم فهم الزوجين بكيفية التعامل معها تتراكم وتكبر،
ككرة الجليد حتى تقف عقبة أمام سعادتهم و قد يعاني أحد الزوجين من مشكلة نفسية يقوم الطبيب بعلاجها،
عن طريق التدريب و دفع المريض إلى خلق أسباب السعادة و الراحة لكلى للطرفين.
و لقد عمدت العديد من الدول الغربية على تحويل الزوجين إلى أخصائي نفسي قبل الإقدام على خطوة الطلاق كآخر الحلول،
فيما بينهم حيث يعتبرون الحياة الزوجية الركيزة الأولى للمجتمع و هدمها كهدم لبنه منه،
و لا سيما أن نسبة الطلاق تضاعفت مؤخرا في مجتمعاتنا العربية نتيجة الظروف الاجتماعية و المادية،
وكذلك اختلاف الميول و الحالة النفسية.
و لا بد أن يبني الزوجين زواجهم من البداية على الصدق والتفاهم واتفاق الميول والطباع،
فيعطوا لأنفسهم الفرصة لدراسة اتجاهاتهم وفهم شخصياتهم على طبيعتها دون تزييف،
حيث توفر عليهم لاحقا أية مشاكل قد يتعرضون لها، كما لا يجب أن يبنوا علاقتهم على اعتبارات مادية بحته،
فيفاجئوا بشخصين متنافرين في الميول و الاتجاهات و الثقافات.
لقد وصف الله عز و جعل في كتابه الكريم العلاقة الزوجية بأحب الصفات لما فيها من ود ورحمة و سكينة و اطمئنان،
فلا مانع من أن يكون الزوجين كالصديقين يتمتعان بالثقة المتبادلة و حسن النوايا و المصارحة،
ولا مانع من التغاضي عن بعض العيوب الصغيرة لكلا الطرفين ليتمتعا بعلاقة متزنة تساهم بصورة ايجابية في تربية أبناء بلا مشاكل نفسية أو اجتماعية لانتاج جيل جديد ينفع المجتمع دون صراعات.
بقلم/ غادة إبراهيم
تم التحديث في 15 سبتمبر,2018 بواسطة موسوعة الإدمان