البيئة الفاسدة أو الاقتداء بالوالدين الفاسدين أو الأسرة الفاسدة عموماً يعد من أقوى الأسباب التي تدفع بالابن إلي تناول المخدرات، فعندما يكون أحد الوالدين مدمناً لأحد أنواع المخدرات ويتناولها أمام الابن فإن هذا يعد رسالة أو ايحاء يصل للابن بأن المخدرات أو الادمان عموماً ليس شيئاً سيئاً، ولان الابناء يتعاملون بالمحاكاة وبتقليد الابوان لانهم يعتبرونهم قدوة، فإن احتمال وقوعهم في فخ الادمان يكون كبيراً بسبب ان عامل الرفض للمخدرات لديهم يكون ضعيفاً.
وهناك قصة شهيرة جاءت في البرنامج التلفزيوني “خلف الأسوار” وتحديداً في يوم 21/1/2001 حيث تم القبض علي طفل صغير في الثالثة عشر من عمره يتاجر في المخدرات ولُقب في ذلك الوقت بأصغر تاجر مخدرات، وكانت أسرة ذلك الطفل تتاجر في المخدرات الأب والأم والجد والجدة جميعهم كانوا تجاراً للمخدرات وكانوا في السجن خلف الأسوار وظل هو يبيع تذاكر الهيروين كما علمه والده حيث كان يأخذ من والده من 40 الي 80 تذكرة هيروين ويذهب فيبيعهم وعندما ينتهي يعود فيأخذ غيرهم وهكذا إلي ان سُجن أبوه وظل يتابع عمله حتى تم القبض عليه هو الآخر، ويقول هذا الطفل: ” أنا كان نفسي أكون زي أي حد .. أتعلم واروح المدرسة، وألعب مع اصحابي .. والاقي ابويا وامي جنبي .. لكن انا لقيت نفسي في وسط عيلة كلها بتبيع مخدرات”.
سهولة الحصول علي المخدرات
الحصول علي المخدرات بسهولة وتوافرها بالقرب من متناول اليد يعد أيضاً عامل كبير وسبب في انتشارها والاقبال عليها ولو علي سبيل التجربة بدافع الفضول الذي تحدثنا عنه في مقالة سابقة ، كما أن ندرة المخدرات في المجتمع وارتفاع أسعارها يكون من الأسباب الدافعة إلي الإقلاع عن تناولها.
وعن توافر مخدر البانجو في احدى القرى نجد في كتاب “المجتمعات المستهدفة بالإدمان والاتجار بالمخدرات” أحد السكان يقول: ” الحصول علي مخدر البانجو هنا اسهل من الحصول علي الخبز من الفرن، بل ان الخبز نجد الناس تقف عليه طوابير، بينما البانجو متوفر علي النواصي في كل مكان”، ويقول آخر: ” البانجو هنا يباع في كل مكان مثله مثل الخضار، ونجد المدمنين عليه يتعاطونه في كل مكان حتى في المواصلات وعلي القهوة، ولا أحد يحاسب هؤلاء علي ما يفعلونه”.
وما يجعل من المخدرات متوفرة باستمرار هو أن تجار المخدرات دائماً ما يبتكرون طرقاً جديدة لترويجها، فتارة يوظفون أطفال الشوارع كبائعين للمخدرات، وتارة أخرى يستغلون المدمنين انفسهم الذين يكونون قد وصلوا إلي مراحل متأخرة من الادمان وفقدوا كل شيء بسببه، فيستغلونهم كأدوات بيع للمخدرات بعد أن اصبحوا عديمي الفائدة بالنسبة لهم، وتارة أخرى يوظفون الشباب الجامعي الفقير من أجل الترويج للمخدرات داخل الجامعات.
ومن القصص الكثيرة التي رويت في هذا المجال قصة شاب مصري تورط في الاتجار بالمخدرات بعد أن أدمن علي الهيروين، وكان هذا الشاب يعمل في مجال السياحة فقام بتصميم خطة محكمة من أجل توظيف احدى الامريكيات التي تبلغ من العمر 55 عاماً والتي جاءت الي مصر في زيارة لتنسى زوجها الذي توفى منذ عدة أشهر، وجذبها اليه بوسامته وتزوجها ثم أقنعها بالسفر معه الي الهند حيث أرسلته عصابة المخدرات من اجل شحنة هيروين كبيرة وفي بومباي استوقفها أمام محل واشترى لها فيل خشبي كهدية وفرحت به كثيراً، ثم سافرا إلي باريس ومن باريس حجز مكانين علي الطائرة المسافرة إلي مصر ولكن قبل إقلاع الطائرة ادعى انه قد نسى جواز سفره في غرفة الفندق، وتركها علي وعد ان يلحق بها في الطائرة التالية، ووصلت الامريكية الي القاهرة وعبرت من المطار والجمارك بأمان دون ان يشك بها أحد، وبعد ذلك بيوم عاد الشاب الي القاهرة وذهب الي الفندق الذي نزلت فيه زوجته الامريكية فعلم أن الفيل قد سُرق منها في الفندق، فنزل عليه الخبر كالصاعقة وعلم انها نهايته علي يد عصابة المخدرات العالمية التي يعمل معها. وعندما ذهب الي رئيسه في العصابة وقص عليه القصة باكياً، فوجئ الشاب برئيسه يلقي أمامه عشرة آلاف دولاراً قائلاً له: “هذا هو حقك”، فقال له الشاب: “اذاً انت الذي سرقت الفيل”، فرد عليه قائلاً: ” لست أنا الذي سرقت الفيل بالتحديد، ولكنك منذ أن تسلمت الفيل من بومباي وهو في حراستنا إلي أن استقر في مصر”، فقال له الشاب سائلاً: “أين هو؟ “، فرد عليه زعيم العصابة قائلاً: ” انه الآن في عروق الشباب المصري، أو في طريقه إلي عروقهم”.
وهذا ما يجعل من الضرورة القصوى العمل الدائم واليقظة علي منع المخدرات من الدخول الي البلاد وتشديد الرقابة عليها وعلي الحيل التي تبتكرها المافيا العالمية من أجل ادخالها إلي مصر، وكذلك تشديد العقوبة علي الاتجار بالمخدرات، وأما من ناحية الأسرة فمن الضروري ان يكون هناك رقابة علي الابناء وفيما يصرفون أموالهم.
تم التحديث في 4 مايو,2019 بواسطة موسوعة الإدمان