استكمالاً لمقالة الأمس، نكمل معاً أخطاء التفكير العشرة الشائعة والتي تقود إلى الأمراض النفسية …
المحتوى
3) نمط الشخصنة
وهو خطأ فكري شائع يجعل الشخص الواقع به يحمّل نفسه مسؤولية الأخطاء التي تحصل ويلوم نفسه أو يلوم الأشياء أو الأحداث على ما يقع من أخطاء سواء كان هو سبباً فيها أو لم يكن، وقد يسمى هذا النمط الفكري الخاطئ بلوم الذات أو جلد الذات أو تقريع الذات أو التشديد على الذات أو التشديد على النفس.
وهذا الخطأ الفكري ناتج عن إحساس الفرد بالدونية واحتقاره لذاته مما يجعله يلوم ذاته ويعاقبها ويوبخها باستمرار عندما يواجه أي مشكلة، ويكون ذلك اما من خلال حواره الداخلي مع نفسه حيث يشتم نفسه ويعاقب نفسه ويؤنب نفسه على ما فعله، أو من خلال سلوكياته وحوارة الخارجي مع من حوله.
وترجع عقدة الدونية أو احتقار الذات إلي أسباب أهمها نظرته إلى نفسه ونظرة الآخرين إليه منذ طفولته، وهي عقدة شائعة في مجتمعاتنا ولكن يمكن التخلص منها وعلاجها من خلال تعديل النظرة إلي النفس وقبول النفس وتقدير النفس وتزكيتها، ولا شك أن ذلك سيتطلب عملية تصحيح جيدة للفكر.
4) التفكير الكارثي
وفي هذا الخطأ الفكري نجد أن الشخص الواقع فيه يفسّر المصائب والكوارث والأزمات التي تحصل له بطريقة كارثية حيث يضخم المشكلات ويعممها لتصبح المشكلة الصغيرة كارثة كبيرة، ويظل الشخص يتساءل باحثاً عن الأزمات والمصائب فتجده يقول (ماذا لو حصل كذا وكذا من مصائب !؟)، وكذلك إذا أصيب بصداع بسيط على سبيل المثال فتجده يضخم من هذا الصداع لدرجة أنه قد يصل الي التفكير بأنه على وشك الموت!
مثل هذا التفكير يجب على الانسان أن يضع له حداً لا بأن يخدع نفسه ويدعي أن الأمور تسير على ما يرام ولكن بأن ينظر للمشكلة كما هي عليه ليس أفضل مما هي عليه ولا أسوأ مما هي عليه.
5) نمط التفكير الحدي أو نمط أبيض أو أسود أو أحياناً
وهذا الخطأ شائع جداً أيضاً وهو التفكير بمنطق البديلين أو التفكير الحدي الذي يجعل الشخص لا يرى إلا طرفين اثنين او بديلين اثنين فقط ولا يؤمن بوجود بديل ثالث فإما ان يرى الأبيض وإما ان يرى الأسود لكنه لا يرى المنطقة الرمادية، وإما أن يرى الناس جيدون أو سيئون، رائعون أو لا يُطاقون، إما أن تكون النزهة رائعة أو سيئة، وفي استبيانات التقييم فإما يرى الخدمات رائعة ويعطيها خمسه من خمسه في التقييم أو سيئة ويعطيها صفراً.
وهذا النمط الفكري الخاطئ شائع جداً في مجتمعنا، حيث تجد الناس يفكرون بطريقة البديلين فقط إما هجوم أو دفاع، إما مع أو ضد، أهلي أو زمالك، محافظ أو علماني، رابح أو خاسر، وإما أنا وإما أنت، حيث لا وجود لمنطقة تجمعنا معاً بدون أن يتنازل أياً منّا، وتجدهم لا يمزجون البديلين ليخرجوا منهما بديلاً ثالثاً ولا يبحثون أيضاً عن البديل الثالث الذي قد يجمع كل مميزات البديلين معاً، حيث قوتي بالإضافة إلي قوتك تصبح قوة أكبر من قوتي وحدها ومن قوتك وحدها، وحيث أن مميزات التيار المحافظ بالإضافة إلي مميزات التيار العلماني سينتج عنهما بديلاً ثالثاً أفضل من التيار المحافظ منفرداً وأفضل من التيار العلماني منفرداً، ولا شك أنه مستوى راقي من التفكير ذلك الذي يتحرر من أسر البديلين ويفكر بمبدأ البديل الثالث.
6) نمط يجب! ولازم! أو نمط الإلزامات
وهذا الخطأ في التفكير يجعل الشخص الواقع به يُلزم نفسه بأشياء كثيرة ويستخدم كثيراً ألفاظ الإلزام مثل “لازم أفعل كذا” و “يجب أن أفعل كذا” و “ضروري أن أفعل كذا”، وكل هذه الالفاظ الإلزامية تجعله يقع في خطأ آخر هو لوم النفس والتركيز على التفكير السلبي حيث أنه طالما أن الأمر “لازم” و “ضروري” فإنه إذا لم يُتم هذا الأمر سيلوم نفسه بالتأكيد على عدم اتمامه، ويجب ان ننوه هنا على أن الخطأ ليس في “لازم” و “يجب” و “ضروري” ولكن الخطأ في الإفراط في استخدام تلك الألفاظ وذلك الإلزام الذي يضيف أعباء نفسية إلي سلّة الأعباء النفسية للشخص.
وفي مجتمعنا الكثير من الأعراف الاجتماعية التي نُلزم أنفسنا بها وكذلك لدينا الشريعة الدينية التي نلتزم بها وهذا يجعلنا نقع كثيراً في أسر الشعور بالذنب ولوم النفس والتفكير السلبي حينما نلزم أنفسنا بأشياء إضافية على الشريعة والعرف والعقل، لذلك يجب ألا نلزم أنفسنا بأشياء فوق طاقتنا وفوق ما يطلبه الشرع والعرف منّا حتى لا نقع في هذا الخطأ في التفكير والذي يسبب الكثير من المشاعر السلبية والامراض النفسية.
تم التحديث في 16 أبريل,2022 بواسطة موسوعة الإدمان